المطلب الثامن في الفروع المبنية على الخلاف في المسألة
لقد بني على خلاف العلماء في قرآنية البسملة خلاف في مسائل:
المسألة الأولى: في إثبات قرآنيتها بخبر الواحد:
على القول أنّ البسملة، آية من القرآن الكريم، حكمًا لا علمًا؛ أي عملًا لا بقطعًا- وهو المختار- يقبل في إثباتها خبر الواحد؛ كسائر الأحكام الشرعية.
وعلى القول بأنها آية، علمًا وقطعاً؛ لايقبل في إثباتها خبر الواحد، كسائر القرآن الكريم، وقد صرح بهذا البناء كل من النووي، والزركشي من الشافعية (١).
قال الزركشي: وبنوا على هذا الخلاف: أنه هل يقبل في إثباتها خبر الواحد؟ إن قلنا: آية حكماً فنعم، كسائر الأحكام، وإن قلنا: قطعاً، فلا كسائر القرآن (٢).
المسألة الثانية في: حكم الصلاة دون قراءتها:
للعلماء قولان في صحة الصلاة دون قراءة البسملة:
الأئمة الثلاثة: تصح الصلاة دون قراءتها؛ أمَّا عند الإمامين أبي حنيفة وأحمد فإنها وإن كانت آية من القرآن، لكنها آية مستقلة بنفسها، لا من الفاتحة ولا من غيرها.
وأمَّا عند الإمام مالك وأصحابه، فلأنها ليست آية من القرآن مطلقاً، وإنَّمَا للتبرك ولا تصح الصلاة إلاَّ بقراءتها في أول الفاتحة، عند الإمام الشافعي؛ لأنها آية من الفاتحة كباقي آيات السورة، ولاتصح الصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (٣).
المسألة الثالثة في: مشروعية قراءتها في الصلاة:
للعلماء في المسألة ثلاثة أقوال بناءً على أقوالهم في قرآنيتها:
فعند الإمامين أبي حنيفة وأحمد: يجوز له أن يقرأ بها في الصلاة، ولكن سرًا لا جهرًا، باعتبارها ليست آية من الفاتحة.

(١) انظر: المجموع شرح المهذب ٣٣٣ / ٣، وتشنيف المسامع ٣١٠ / ١.
(٢) التشنيف، الموضع السابق.
(٣) انظر: الأم ١٠٧ / ١، وأحكام القرآن لابن العربي ٥ / ١، والمجموع شرح المهذب ٣٣٣ / ٣، والجامع لأحكام القرآن ١٣٢ / ١


الصفحة التالية
Icon