قلتُ: أما بالنسبة لابن حبان رحمه الله تعالى، ففي ذكره أُبىًّا في (الثقات) نظر. وأرى فرقًا بين من يوثقه ابن حبان نصًا، وبين من يذكره في الثقات بغير تنصيص على حاله. فهذا أقلُّ منزلة من الأول بلا شك. وفي الحالة الثانية يدخل كثير من الخلل، لا سيما إن كان الراوي من المقلين، وكان أُبىٌّ مقلًا في روايته كما قال الذهبي في " من تكلم فيه وهو موثق " رقم (١٢).
وحتى لو صرح ابن حبان بتوثيقه، فلا يقبل قوله عند معارضته من هو أمكن منه في العلم، لا سيما إن كانوا جماعة.
وأما بالنسبة للدارقطني، فلم أقف على نص له في تقوية أمره، غير أنه روى له حديثًا في " سننه " (١ / ٥٦) وهو: (حجران للصفحتين، وحجر للمسرية)، ثم قال: (إسناده حسن).
فهذا تقويته له فيما وقفت عليه.
ولكن الدراقطني ضعّفه مرة في (الإلزامات)، فقال: (أُبىٌّ هذا ضعيف).
وفي " سؤلات الحاكم له " (ص ١٨٦) قال: تكلموا فيه.
ورأيه هذا يوافق رأي الجماعة مع أن قوله: (إسناده حسن) لا ينفي أن يكون (لغيره)، فحيئنذ يكون في الأصل ضعيفا، لكنه تقوي في الشواهد. هذا، مع أن الحديث الذى حسن الدارقطني إسناده، ضعيف كما قال العقيلي وغيره. والله أعلم.
أما قول ابن عدي فيفهم منه أنه ليس لابن عباس إلا القليل من الحديث ويكتب حديثه على سبيل الاعتبار، وهذا يلتقي مع تمشية الدارقطني لأمره.


الصفحة التالية
Icon