وإن قلنا كما تقدم: حديث أبي سعيد أقل الأحاديث ضعفًا تم المراد لنا من كلام أحمد. وذلك أنه خفيف الضعف، فإذا اعتضد بما ذكرناه صار حسنًا بلا ريب، لا سيما وحديث سعيد بن زيد قال البخاري: (هو أحسن شئ في هذا الباب) فهذا إذا انضم لحديث أبي سعيد، مع بعض الطرق من حديث أبي هريرة، وإحدى الطرق من حديث سهل بن سعد، تقوى الحديث يقينًا.
وأرى أن الإمام أحمد نفى صحة هذه الأحاديث لأنه كان يرى استحباب التسمية، وليس وجوبها، وقد نقل عنه بعض أصحاب مذهبه الوجوب ولكن دعوى الاستحباب أرجح عنده.
فقد قال أبو زرعة الدمشقي في (تاريخه) (١ / ٦٣١) :
قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل، فما وجه قوله: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) ؟ ! قال: فيه أحاديث ليست بذاك، وقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ........ الآية﴾ المائدة/٦ فلا أوجب عليه، وهذا التنزيل، ولم تثبت سنة. أهـ.
قلتُ: فهذا النص عن أحمد يبين أن التسمية في أول الوضوء ليست بركن ولا شرط عنده.
وعلى كل حال، فإن لم يلق ما ذكرته قبولًا، وأن الإمام أحمد ضعّف الحديث بغير تردد، فالجواب أن الذين قووا الحديث كثرة، وفيهم أقران لأحمد، فجانبهم أقوى بغير شك، فكيف إذا كان يمكن حمل كلام الإمام أحمد على ما يفيد قولهم؟ !!
فهو أولى، والله أعلم.
أما بالنسبة لحكم التسمية، فالغالب على استجابتها، واحتج البيهقي على عدم وجوب التسمية بحديث رافع بن رفاعة قال:
بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - جَالِسٌ وَنَحْنُ حَوْلَهُ - شَكَّ هَمَّامٌ - إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى