وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِى لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَىْءٌ فِى الأَرْضِ وَلاَ فِى السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرُّهُ شَىْءٌ» (١).
وكل جار ومجرور لابدّ له من متعلق، كما قال الراجز:
لا بدَّ للجار من متعلِّق... بفعل أو معناه نحو مُرتقى
واستثن كلَّ زائدٍ له عملٌ... كالباء ومن والكاف أيضًا ولعل
ويَحْسُن جعل المقدر- المتعلق- متأخرًا، لأن (اسم) أحق بالتقديم ولأن الجار والمجرور يفيد اختصاص الاسم الكريم بكونه متبركًا، لأنهم كانوا يبدءون بأسماء آلهتهم فيقولون: باسم اللات وباسم العزى، فوجب أن يقصد الموحِد معنى اختصاص اسم الله - عز وجل - بالابتداء.
فاسم: مرفوع بالإبتداء تقديرًا لا محلًا، والخبر محذوف- اسم اوفعل- والتقدير: اسم الله مبدوءٌ به أو أبدأ به.
قال الزمخشري:
" فإن قلت لم قدرت المحذوف متأخرًا؟ قلت: لأن الأهم من الفعل والمتعلّق به هو المتعلّق به لأنهم كانوا يبدءون بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات باسم العزى فوجب أن يقصد الموحِد معنى اختصاص اسم الله - عز وجل - ابتداء وذلك بتقديمه وتأخير الفعل كما فعل في قوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) حيث صرَّح بتقديم الاسم إرادة للاختصاص، والدليل عليه قوله (بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) هود/٤١ فإن قلت فقد قال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) العلق/١ فقدم الفعل؟ قلت هناك تقديم الفعل أوقع لأنها أول سورة نزلت فكان الأمر بالقراءة أهم، فإن قلت ما معنى تعلق اسم الله بالقراءة؟ قلت فيه وجهان: أحدهما أن يتعلق بها تعلق القلم بالكتبة في قولك: كتبت بالقلم على معنى أن المؤمن لما اعتقد أن فعله لا يجيء معتدًا به في الشرع واقعًا على السنة حتى يصدّر بذكر اسم الله

(١) رواه الترمذي (٣٧١٦)


الصفحة التالية
Icon