٥- ومما يختص بالله - - سبحانه وتعالى - - منها قوله تعالى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) الأعلى/١، فإن المسبح هو المسمّى، وهو الله.
هذه أشهر أدلة القائلين بأن الاسم هو المسمّى، ولكن قبل البدء بمناقشة القول وأدلته لابد من بيان أن القائلين بهذا القول لم يريدوا به أن اللفظ المؤلف من الحروف هو نفس الشخص المسمي به: فإن هذا لا يقوله عاقل ولهذا يقال: لو كان الاسم هو المسمي هو: أن الله وحده هو الخالق وما سواه مخلوق، فلو كانت أسماؤه غيره لكانت مخلوقة، وللزوم أن لا يكون له اسم في الأزل، فمرادهم أن الله غير مخلوق ردًا على الجهمية والمعتزلة.
وهذا مما لا يتنازع فيه الجهمية والمعتزلة، فإن أولئك كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-: - ما قالوا الأسماء مخلوقة إلا لما قال هؤلاء هي التسميات فوافقوا الجهمية والمعتزلة في المعنى، ووافقوا أهل السنة في اللفظ، وقد عرف أنه إذا أطلق الاسم في الكلام المنظوم فالمراد به المسمى فلهذا يقال: ما اسم هذا؟ فيقال: زيد، فيجاب باللفظ، ولا يقال: ما هذا؟ فيقال: هو هو.
فأما دليلهم الأول الذى استدلوا به: وهو أن الاسم هو المراد باللفظ، وأن اللفظ هو التسمية، فهو باطل مخالف لما يعلمه جميع الناس من جميع الأمم، وقد أنكره عليهم جمهور الناس من أهل السنة ومن غيرهم.
مثل دعواهم أن لفظ (اس م) معناه ذات الشئ ونفسه، وأن الأسماء مثل زيد وعمرو هي التسميات ليست هي أسماء المسميات.
فلم يقل نحوي قط، ولا عربي: إن الاسم هو المسمّى، ويقولون: أجلّ مسمّى، ولا يقولون: أجلّ اسم، ويقولون: هذا الرجل مسمى بزيد، ولا يقولون: هذا الرجل اسم زيد، ويقولون بسم الله، ولا يقولون: بمسمى الله......... إلخ.


الصفحة التالية
Icon