فأما أهل اللغة فيقولون: الاسم حروف منظومة دالة على معنى مفرد ومنهم من يقول إنه قول يدل على مذكور يضاف إليه؛ يعني الحديث والخبر. قال: وأما أهل الحقائق فقد اختلفوا أيضًا في معنى ذلك فمنهم من قال: اسم الشيء هو ذاته وعينه والتسمية عبارة عنه ودلالة عليه فيسمى اسمًا توسعًا. وقالت الجهمية والمعتزلة: الأسماء والصفات هي الأقوال الدالة على المسمّيات وهو قريب مما قاله بعض أهل اللغة.
والثالث: لا هو هو ولا هو غيره؛ كالعلم والعالم ومنهم من قال اسم الشيء هو صفته ووصفه. قال: والذي هو الحق عندنا قول من قال: اسم الشيء هو عينه وذاته واسم الله هو الله وتقدير قول القائل: بسم الله أفعل أي بالله أفعل وإن اسمه هو هو. قال: وإلى هذا القول ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام. واستدل بقول لبيد.
إلى الحَوْلِ ثمَّ اسْم السَّلام عَلَيْكُمَا... وَمَنْ يَبْك حَوْلًا كَاملًا فَقَدْ اعْتَذَر
والمعنى ثم السلام عليكما؛ فإن اسم السلام هو السلام.
قال: واحتج أصحابنا في ذلك بقوله تبارك وتعالى: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) الرحمن/٧٨، وهذا هو صفة للمسمى لا صفة لما هو قول وكلام وبقوله: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) الأعلى/١، فإن المسبح هو المسمى وهو الله وبقوله سبحانه: (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى) مريم/٧ ثم قال: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) مريم/١٢، فنادى الاسم وهو المسمّى. وبأن الفقهاء أجمعوا على أن الحالف باسم الله كالحالف بالله في بيان أنه تنعقد اليمين بكل واحد منهما؛ فلو كان اسم الله غير الله لكان الحالف بغير الله لا تنعقد يمينه؛ فلما انعقد ولزم بالحنث فيها كفارة دل على أن اسمه هو. ويدل عليه أن القائل إذا قال: ما اسم معبودكم؟ قلنا الله. فإذا قال: وما معبودكم؟ قلنا الله فنجيب في الاسم بما نجيب به في المعبود؛ فدل على أن اسم المعبود هو المعبود لا غير. وبقوله (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا) يوسف/٤٠، وإنما عبدوا المسميات لا الأقوال التي هي أعراض لا تعبد. قال: فإن قيل: أليس يقال: الله إله واحد وله أسماء كثيرة فكيف يكون الواحد كثيرًا؟ قيل إذا أطلق (أسماء) فالمراد به مسميات


الصفحة التالية
Icon