تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) الإسراء/١١٠. والله تعالى يأمر بذكره تارة وبذكر اسمه تارة؛ كما يأمر بتسبيحه تارة وتسبيح اسمه تارة؛ فقال: (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) الأحزاب/٤١، (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ) الأعراف/٢٠٥ وهذا كثير. وقال: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) المزمل/٨، كما قال: (فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) الأنعام/١١٨، (وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) الأنعام/١٢١، (فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) المائدة/٤.
لكن هنا يقال: بسم الله؛ فيذكر نفس الاسم الذي هو (ألف سين ميم) وأما في قوله: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) الإنسان/٢٥؛ فيقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله. وهذا أيضًا مما يبين فساد قول من جعل الاسم هو المسمّى. وقوله في الذبيحة (فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) الأنعام/١١٨ كقوله (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) العلق/١ وقوله (بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا) هود/٤١، فقوله (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) العلق/١ هو قراءة بسم الله في أول السور. وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع وبيّن أن هذه الآية تدل على أن القارئ مأمور أن يقرأ بسم الله وأنها ليست كسائر القرآن؛ بل هي تابعة لغيرها وهنا يقول: بسم الله الرحمن الرحيم كما كتب سليمان وكما جاءت به السنة المتواترة وأجمع المسلمون عليه؛ فينطق بنفس الاسم الذي هو اسم مسمى لا يقول بالله الرحمن الرحيم؛ كما في قوله (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) العلق/١، فإنه يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ونحو ذلك وهنا قال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) العلق/١، لم يقل: اقرأ اسم ربك وقوله (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) الإنسان/٢٥، يقتضي أن يذكره بلسانه. وأما قوله (وَاذْكُر رَّبَّكَ) الأعراف/٢٠٥ فقد يتناول ذكر القلب. وقوله (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) العلق/١، هو كقول الآكل باسم الله. والذابح باسم الله كما قال النبي - ﷺ -: «وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ» (١).