٢- اللغة: يقال لحنَ الرجلُ بلحنه، إذا تكلم بلغته، ولحنتُ له لحناً إذا قلتُ له قولاً يفهمُهُ عنك ويخفى على غيره، ولِحنه عني لحناً، أي: فهمه. وألحنتهُ أنا إياه إلحاناً(٢٦).
ومنهُ قولُ عمر بن الخطاب -(- "تعلَّموا الفرائض والسُّنن واللَّحن كما تعلَّمون القرآن"(٢٧). فاللَّحنُ هنا: اللُّغة، قال الشاعر:
أتتني بلحنٍ بعد لحنٍ وأوقدتْ……حواليَّ نيراناً تبوخُ وتَزهرُ (٢٨)
٣- الغناءُ أو التطريب والتغريد: يقال لحَّن في قراءاته إذا طرَّب فيها وقرأ بألحانٍ وفي الحديث: ((اقرءوا القرآن بلحونِ العرب وأصواتها، وإياكم ولحونَ أهل العشق ولحون أهل الكتابيْن))(٢٩).
يقول ابن الأثير: "ويُشبِه أن يكون أراد هذا الذي يفعله قراء الزمان من اللحون التي يقرءون بها النظائر في المحافل، فإن اليهود والنصارى يقرءون كتبهم نحواً من ذلك" اهـ(٣٠).
ومنه الترجيع: جاء ذلك في بعض تفسيرات حديث النبي ( الوارد في الصحيحين(٣١) عن عبدالله بن مُغفَّل قال: "سمعتُ النبي ( يقرأ وهو على ناقته -أو جمله- وهي تسير به وهو يقرأ سورة الفتح -أو من سورة الفتح- قراءةً ليِّنة يقرأ وهو يُرجِّع".
قال ابن حجر في الفتح: "... والآخر أنهُ أشبع المد في موضعه فحدث ذلك، وهذا الثاني أشبه بالسياق فإن في بعض طرقه "لولا أن يجتمع الناسُ لقرأت لكم بذلك اللحن" أي النغم" اهـ(٣٢).
٤- الفطنةُ والفهم: يقال رجل لحِن "بكسر الحاء" عالم بعواقب الكلام ظريف، واللَّحَن بفتح الحاء الفطنة، وربما أسكنوا الحاء في الفطنة، ورجل لحِن أي: فَطِن. ولاحن الناسَ: فاطنَهم(٣٣).
ومنه قول عمر بن عبدالعزيز -يرحمه الله-: "عجبتُ لمن لاحَن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم!(٣٤) أي: فاطنهم،
وفي الحديث: ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليَّ ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيتُ له من حق أخيه شيئاً فلا أخُذُه، فإنما أقطع له قطعةً من النار))(٣٥).