لأن من مُوجَبَات عقد الإيجار تسليم المأجور الذي تمَّ الإتفاق على استئجاره كلَّهِ. فكما أنَّ المؤجر لا يقبل أن تُنتقص الأُجرة، فإنَّه لا يجوز له أن ينتقص من منفعة المأجور، أو تسليمه ناقصاً.
********
والقول بامتداد هذا الحُكمِ إلى كلَّ التصرفات القوليَّةِ، هو عين الصحة والصواب.
والتصرفاتُ القوليَّةُ هي : الأقوال التي يُرَتِّبُ عليها الشارع الحكيم أثراً شرعيّاً، سواءٌ أكانت صادرة من جانب واحد :
كالوقف، والوصيَّة، والإبراء، والتنازل، والطلاق، والرجعة والجعل على عمل من شخص يُريد حصول ذلك العمل... الخ.
أو كانت صادرةً من جانبين :
كالعقود، وهي كثيرةٌ جداً.. مثل : البيع، والصلح، والمزارعة، والإجارة، والإستصناع، والسَلَم، والتوريد، والمقاولة، .. الخ.
والتصرف عموماً : كلُّ قولٍ، أو فعلٍ له أثر شرعي(١).
بل يمكن القول هنا، أنَّ هذه المُوجَبَات لا تنتفي بنفي المتعاقدين نفسيهما، فإذا تشارطا على نفي حصول أحدها، فذلك شرطٌ لا يجب الوفاء به، إذ الشروط التي تُعتبر هي أنواعٌ ثلاثة :
١. فشرطٌ هو في حقيقته عين مقتضى العقد، أي موجَبَه، : فهذا واجب الاعتبار، بل قلنا قبل قليل، لو نفاه المتعاقدان لا ينتفي.
٢. وشرطٌ مؤكِّدٌ لمقتضى العقد : كأخذ الرهن توثيقاً للدين، أو اشتراط كتابته في سجلات الحكومة، سواءٌ فيما وجب فيه التسجيل بأمرٍ من الدولة، أو كان جائزاً، فيُوُجبانه على نفسيهما، فهذا واجب الاعتبار أيضاً.
٣. وشرطٌ جرى به التعارف الصحيح : وهذا يجب الوفاء به أيضاً.
فلو اشترطا أن تكون نفقات الوزن على البائع مثلاً، والعُرف جرى بهذا، فهذا الشرط يؤخذ به، كما ورد في الأحكام القانونيَّة الآتية :
[ المادة / ١٦٣ ـ
١. المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، والتعيين بالعرف كالتعيين بالنص.
٢. والمعروف بين التجار كالمشروط بينهم ].
[ المادة / ١٦٤ ـ

(١) معجم لغة الفقهاء – ١٣٢.


الصفحة التالية
Icon