فلما قال له عمر رضي الله عنه في ذلك، قال عليه السلام:
﴿ الحرب خدعة ﴾(١).
وكان ذلك منه - عليه السلام - اكتساب حيلة، ومُخرج من الإثم، بتقييد الكلام [ بلعلَّ ].
٢. أتى رجلٌ رسول الله - ﷺ -، وأخبره أنَّه حلف بطلاَّق امرأته ثلاثاً أنْ لا يُكلِّم أخاه، فقال له رسول الله عليه السلام :
﴿ طلِّقها واحدةً فإذا انقضت عدَّتها فكلِّم أخاك، ثم تزوجها ﴾
وهذا تعليمٌ للحيلة صادر عن رسول الله عليه السلام !!.
********
قال السَرَخْسي :[.. والآثار فيه كثيرة ](٢).
ثم أورد السرخسي جملةً من الأمور المشَّرعة في شريعتنا، وحقيقتها حيلٌ توفرت فيها الشروط التي أوردناها، فيقول :
[ ومن تأملَّ أحكامَ الشرعِ، وجد المعاملات كُلَّها بهذه الصفة...
فإنَّ من أحبَّ امرأةً، إذا سأل فقال : كيف لي أنْ أصِل إليها ؟.
يقال له : تزوجها.
وإذا هوى جاريةً، فقال : ما الحيلة لي في أن أصل إليها ؟.
يقال له : اشْتَرِها.
وإذا كره صحبة امرأةٍ، فقال : ما الحيلة لي في التخلص منها ؟.
قيل له : طلِّقها.
وبعد ما طلقها إذا ندم، وسأل الحيلة في ذلك ؟.
قيل له : راجعها.
وبعد ما طلَّقها ثلاثاً، إذا تابت من سوء خُلُقِها، وطلبا حيلةً.
قيل لهما: الحيلة في ذلك، أن تتزوج بزوجٍ آخر، ويدخل بها ]. ثم قال :[ فمن كره الحيل في الأحكام، فإنَّما يكره في الحقيقة أحكام الشرع، وإنَّما يوقع في مثل هذا الاشتباه، من قلَّة التأمل.
فالحاصل أنَّ ما يتخلص به الرجل من الحرام، أو يتوصل به إلى الحلال من الحيل، فهو حسن. وإنَما يكره من ذلك :
أن : يحتال في حقٍّ لرجل حتَّى يُبطله.
أو : في باطل حتَّى يُموِّهه.
أو : في حقٍّ حتى يُدخل فيه شُبْهةً.

(١) راجع : البخاري ( الجهاد والسير ) – الحديثين / ٢٨٠٤ و ٢٨٠٥، مسلم ( الجهاد ) – الحديثين / ٣٢٧٣ و ٣٢٧٤، أبو داود ( الجهاد ) – الحديث ٢٢٦٦.
(٢) المصدر السابق.


الصفحة التالية
Icon