فللسببين المتقدمين، كانت إجارة البساتين، وخاصَّةً في العراق، ومنذ القديم، فيها محذورٌ شرعيٍّ لا بُدَ من تلافيه، وذلك بتصحيح المعاملة وفق الشرع، إذ في منع الناس من التعامل بها حرجٌ عظيم، والحرج في الشرع مدفوعٌ، كما أنَّ هذه الشريعة لم تأتِ إلاَّ لتحقيق مصالح العباد.... فلهذا اقتضت الضرورة إيجاد مُخْرِجٍ شرعيٍّ مقبول، يُحقق مصالح العباد، ولا يقع لا في الحرام، ولا في شُبْهته، فكانت الحلول الذي رواها : الإمام محمَّدْ بن الحسن الشيباني، في كتابه المتقدم الذكر، عن إمامه : الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه - ولغيرها من المسائل الجمَّة والمهمَّة.
********
ولعل من المفيد أن ننقل نص كلامه في كتابه آنف الذكر، عن هذه المسالة التي أسهبنا في تبيانها، قال :
[... قلت : أ رأيت إجارة النخيل والشجر، هل تجوز ؟.
قال : لا.
قلت : فكيف الحيلة في ذلك ؟.
قال : يستأجر المستأجر الأرض بأجر مسمىً ويزيده فيها، ويدفع إليه النخيل معاملةً، ويشرط ربُّ الأرض ممَّا يخرج جزءاً من ألف جزء، ويجوز ذلك..](١).
والحوار المتقدم هو بين الإمام محمَّد بن الحسن، وبين إمام مذهبه الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنهما.
أمَّا [ المعاملة ] فهي : المساقاة، الواردة أحكامها في :
المواد من : ٨٢٤ إلى ٨٣٣ من القانون المدني العراقي.
********
ولعل من المفيد أيضاً أن أورد نص عقد إجارة بستان، تمَّ على وفق المُخْرِج المذكور، وهو مما كان يجري به التعامل في العراق، وإلى عهدٍ قريب.
[ صورة العقد ]

(١) المخارج في الحيل / ١٩.


الصفحة التالية
Icon