ويحقُ لي أن أسأل : ألا ينبع بعضُ هذا، ولا أقول كلُّه، من اجتهادات لاحَقَتْ، وما تزال تُلاحق الوقائع الجديدة بالحلول ؟؟.
أمْ : أنّ فعل الواحد المنعزل عن الكون برمَّته، وتنقُصُهُ أبسط أنواع المعلومات، هو الأجدر بالإتِّباع ؟؟.
أ يكفي لكي يُسمّى قول القائل اجتهاداً أن يقول : ذلك [ هرامٌ ].. والله أعلم ؟ !.
أم : أن يكون مجتهداً بمجرد أن يُضفي على نفسهِ ذلك ؟؟ !.
أم : يكون مجتهداً بكثرة الإستشكالات، والتوقفات ؟؟ !.
ألا يعمل بقية فقهاء المسلمين عمل أولئك المُدَّعى لهم ما ليس فيهم، ولا عندهم ؟؟ !.
إنّ أعلى عمل المدّعين للاجتهاد هو : اجتهاد [ الفُتيا ] فقط دون غيره !، وهو أبسط أنواع الإجتهاد، وهو المُسَمَّى عند القانونيين بـ [ تكييف الواقعة ]، وهذا أمرٌ يقوم به :
المكلف العادي.. كتحديده مسافة السفر المترتبة عليها الأحكام.
والمفتي.. وهو المُخبِرُ عن الحُكم مِنْ غير إلزام.
والقاضي.. وهو المُخبِر عن الحُكمِ مع الإلزام.
والموظف.. عند تطبيق النُصوص القانونيَّة.
والمحامي.. عند تكييف ما يَعرِضُهُ عليه مُوَكِّلوه مِن الدعاوى. فهل يّفتَقِدُ هؤلاء الذين تواضعوا ولم يُطلقوا على أنفسهم اسم [ المجتهدين ]، هل يفتقدون ملكة هذا النوع من الاجتهاد، في الأقل ؟!.
وإنِّي لأجزم أنَّ الكثير من المردِّدين لهذه المقولة غير المقبولة، بل وغير المعقولة، قد اطّلعوا، من غير شكٍ، على البحوثٍ العلميَّة لمواضيعَ أفتى بها الفريقان : المنبوزون بغلق الاجتهاد، والمدَّعون لممارسته، وكيف أنّ عمل المتواضعين كان أبلغ من عمل المدّعين !!.
إنَّ لله في خلقه شؤون، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون، بل تجد الناس لغير الثُقاة يُصدِّقون !!.
أ فحسب أمثال هؤلاء أنَّ الاسم يُغيِّرُ مِن حقيقةِ المُسمى ؟ !.


الصفحة التالية
Icon