العالم، وبالتالى وهت صلته بالله، وانحسرت دون مداها. فمن أين تتأتي معرفة الله على وجه مستكمل جميل إلا عن طريق إمعان النظر فى ملكوت الله، ومطالعة روائعه بين الحين والجين؟؟ وإذا كان ذلك طريق ابتداء المعرفة، فهو كذلك طريق مضاعفتها. ولا يصدنك عن هذا الحق أن هناك علماء بالكون يجهلون ربهم، فإن أسباب جهلهم أو جحدهم لا تنبعث من هذه الدراسات. وإذا وجدنا من يقرأ الكتاب العزيز ويكفر به، فليس كفرانه آتيا من قبل قراءته، وما يجرؤ مسلم على تحريم القراءة، لأن بعض المعلولين لم يحسن الإفادة منها، كذلك لا يقبل من أحد أبدا أن يغض من شأن الدراسات الكونية لأنها لم تهد بعض الملحدين الى رب العالمين. وليس ثمة تفاوت بين العلم والدين، فإن الله الحق هو مصدر الاثنين، وإذا لوحظ أن هناك اختلافاً فليس بين علم ودين، بل بين دين وجهل أخذ سمة العلم، أو بين علم ولغو لبس سمت الدين. وسترى أن القرآن الكريم مستقيم كل الاستقامة مع كل الكشوف التى يميط العلم عنها الستار، وذلك لاريب من دلائل صدقه وآيات إعجازه. فإن راكب الناقة ابن الصحراء ـ الذى لم يعل اللجج يوما أو يكابد الأنواء ـ حين يجىء على لسانه وصف علمى دقيق للبحر والجو، نجزم بأن هذا الوصف ليس من عنده، بل من عند عالم الغيب والشهادة. هب أن فلاحاً من أغمار الصعيد كتب وصفاً لرحلة جوية بين شاطئ المحيطين، ذكر فيها أنباء لا تعرفها إلا أدق المراصد، وأحوالا ما يتبينها إلا أذكى الطيارين. أتحسب أحداً يصدق بأنه قال ذلك من عند نفسه؟؟ وقبل أن نذكر نماذج للرد المحكم الذى أفرغ القرآن فيه أوصاف الكون، ومشاهد الطبيعة، وقوى العالم، نحب أن نذكر طبيعة الصلة بين العلم والدين، أو بين آيات الله فى كتابه الكريم وآياته فى هذا الكون العظيم.. وذلك نقلا عن كتاب سنن الله الكونية للدكتور العالم محمد أحمد الغمراوي. قال بعد شرح للمسالك التى يتأدى بها العلم الى نتائجه: "رأيت مثلا من طريقة العلم


الصفحة التالية
Icon