فهذا شرط الشبه الشديد للقاح الأحياء قد توفر. أما شرط ترتب نزول الماء على تحقق هذا الإلقاح، فقد عرفت توفره من ترتب تكاثف السحاب مطراً على التفريغ الكهربائى السحابى. فآية الحِجر تلك هى مظهر من مظاهر الإعجاز المتجدد للقرآن، لأن تلاقح السحاب وأثره فى نزول المطر، أمر كان يجهله الإنسان، حتى كشف عنه العلم الحديث. وهى طبعاً مثل رائع من التطابق التام بين العلم والدين فى الإسلام. وآية أخرى أكثر تفصيلا من آية الحجر هى آية النور: " ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ". ومفتاح هذه الآية الكريمة هو فى قوله تعالى: "ثم يؤلف بينه! فقد كان الناس يمرون بهذه الكلمات الكريمة يرونها مجازا من المجازات البلاغية، وهى حقيقة من أمهات الحقائق الكونية. وهذه الكلمات مفتاح الآية الكريمة، لأنها تدل بوضوح على الحقيقة الكهربائية التى تقوم عليها تلك الظواهر الجوية كلها، فإن التأليف بين السحاب ما هو إلا شارة واضحة، بل وصف دقيق للتقريب بين السحاب المختلف الكهربائية، حتى يتجاذب، و يتعبأ فى الجو تعبئة كتعبئة الجيوش، يتفق مع ما يريد الله أن يخلقه من بين السحاب من برق، وصواعق، ومن مطر أو برد. فإذا كان السحاب المتجاذب بعضه فوق بعض، نشأ السحاب الركام. وقد ذكرنا لك قبل.. ما وجدوه من أن عمق الركام فى العواصف الرعدية يكون عظيما، فإذا حدث التفريغ داخل السحاب بين بعض تلك الطبقات وبعض- كما هو الغالب- نزل المطر النا شىء عن ذلك التفريغ من خلال الطبقات الدنيا، وتكبر قطراته أثناء نزولها بما تستلحقه من القطيرات، وهو الودق. فإذا بلغت الحالة الجوية الكهربائية فى ذلك السحاب الركام من القوة ومن الاضطراب، ما يسمح بوقوع تلك الظاهرة الغزيبة، ظاهرة تردد بلورات الماء بين منطقتين، ثلجية علوية