ومطرية سفلية، تكون البرد، ونما حتى يصير أثقل من أن يظل فى أسر تلك القوى، فيسقط على الأرض رحمة إن كان صغيراً هيناً، ونقمة إن كان كبيراً راجماً. ص _٠١٩
" فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء". وليس يدرى الإنسان كثيراً عن الظروف التى يتكون فيها البرد، لكنه يدرى أنها ظروف يسودها اضطراب جوى عظيم. هذا الاضطراب قد أشارت الآية اليه والى طبيعته إشارتين: الأولى: حين شبهت السحاب الركام الذى يتكون البرد داخله... بالجبال. والثانية: حين أشارت الى عظم القوى الكهربائية المشتركة فى تكوينه بنصها على عظم برقه وشدته وبلوغه من الحرارة درجة الابيضاض أو ما فوق ذلك: " يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار". وهناك آية أخرى أشارت الى الطبيعة الكهربائية لتلك الظواهر إشارة من نوع آخر، هى آية الواقعة: " أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون). وتستطيع- بعد أن عرفت العوامل المتعددة التى لابد من تعاونها على تكوين المطر- أن تدرك شيئاً من سر الحجة فى هذا السؤال العجيب: " أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون؟". لكن الإشارة التى أردنا أن نلفت النظر إليها هى فى قوله تعالى: "لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون). والناس طبعاً يسلمون بالقدرة الإلهية على قلب العذب أجاجاً، وبظنون أن هذا يكون عن طريق الخوارق، ولا يتساءلون: هل فى سنن الله ما يسمح بهذا؟ ولو تساءلوا وتطلبوا الجواب فى العلم لوجدوه قريباً، ولعرفوا أن عذوبة الماء الذى يسقيهم الله اياه من السحاب هى بمحض رحمة الله. إن الماء طبعاً عذب بطبيعته، وماء المطر معروف أنه أنقى المياه، لكن طبيعة تكونه من السحاب تعرضه لأن ينقلب أجاجاً لا ينتفع به الإنسان. إن الهواء كما تعرف أربعة أخماسه أزوت و نتروجين، و الأزوت كما تعرف أيضاً لا يكاد يتحد فى العادة بكل شئ، ولا بالأكسجين الذى يعد يتحد بكل شئ. لكن الكيميائيين


الصفحة التالية
Icon