وجدوا أنهم يستطيعون بالكهربائية أن يحولوا الأزوت غير الفعال الى أزوت فعال، يتحد بأشياء كثيرة فى درجة الحرارة العادية. كما وجدوا أنهم يستطيعون أن يحملوا الأزوت على الاتحاد بالأكسجين، بإمرار الشرر الكهربائى فى مخلوط منهما، ومن هذا الاتحاد ينشأ بعض أكاسيد للأزوت ص _٠٢٠
قابل للذوبان فى الماء، وإذا ذاب فيه اتحد به، وكون حمضين أزوتين، أحدهما: حمض الأزوتيك، أو ماء النار، كما كان يسميه القدماء، واليه يصير الحمض الثاني. وقليل من حمض الأزوتيك فى الماء كاف لإفساد طعمه. وأظنك الآن بدأت تدرك الطريق الذى يمكن أن ينقلب به ماء المطر ماء أجاجاً، من غير خرق لأى سنة من سنن الله. فهو نفس الطريق الكهربائى الذى يتكون به المطر، وكل الذى يلزم: أن يتعدل التفريغ الكهربائى، ويتكرر فى الهواء تكراراً يتكون به مقدار كاف من تلك الأكاسيد الأزوتية يذوب ف ماء السحاب، ويحوله حمضياً لا يسيغه الناس. وهذا هو موضع المن من الله على الناس: أنه يكيف التفريغ بالصورة التى ينزل بها المطر، ولا يؤج بها الماء. إن شيئا من ذينك الحمضين لابد أن يترك فى ماء العواصف، وهذا ضرورى للحياة لأنه يتحول فى الأرض الى الأزوتات الضرورية لحياة النبات. لكن الله برحمته وحكمته يقذر تكونه بحيث لا يتأذى به إنسان ولا حيوان. ولو شاء الله لكثر الحمض فى ماء المطر فأفسده على الناس. وسواء شكر الناس هذه النعمة أم كفروها، فإن فى قوله تعالى: "لو نشاء جعلناه أجاجا"ً إشارة إلى تلك العوامل الكهربائية التى يتكون بها المطر، ويفهمها من يفقه تلك الحقائق السابقة، ومن يعرف أن الطريق الكهربائى هو أحد الطرق العلمية التى يمكن بها تحويل الأزوت الجوى إلى حمض. ص _٠٢١