قلت : الهدايةُ في الأصل : الدلالة بلطف، ولذلك تُستعمل في الخير، وقوله :﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [الصَّافات : ٢٣] على التهكم، والفعل منه (هَدَى) بالفتح، وأصله أن يُعدى باللام، أو " إلى "، فَعْومل هنا معاملة :﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ﴾ [الأعرَاف : ١٥٥]. والصراط لغة : الطريق، مشتق من سَرَط الطعامَ إذا ابتعله، فكأنها تبتلع السابلةَ ؛ أي المارَّة به، وَقُلِبَتْ السين صاداً لتطابق الطاء في الإطباق، وقد تُشَمُّ زاياً
٣٧
لقرب المَخرج، و ﴿المستقيم﴾ : الذي لا عوج فيه، والمراد به طريق الحق المُوصَّلة إلى الله.
يقول الحقّ جلّ جلاله : مُعلماً لعباده كيف يطلبونه، وما ينبغي لهم أن يطلبوا، أي : قُولوا ﴿اهدنا﴾ أي : أَرشِدْنا إلى الطريق المستقيم، الموصلة إلى حضرة النعيم، والطريقُ المستقيم هو السيرُ على الشريعة المحمدية في الظاهر، والتبرِّي من الحول والقوة في الباطن، أو تقول : هو أن يكون ظاهرُك شريعةً وباطنك حقيقة، ظاهرك عبودية وباطنك حرية، الفرق على ظاهرك موجود والجمع في باطنك مشهود، وفي الحكم :" متى جَعَلَك في الظاهر ممتثلاً لأمره وفي الباطن مستسلماً لقهره، فقد أعظم المِنَّة عليك ".
فالصراط المستقيم الذي أمرَنَا الحقُّ بطلبه هو : الجمع بين الشريعة والحقيقة،
٣٨


الصفحة التالية
Icon