وقال الشيخ أبو العباس المرسى رضي الله عنه :﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ بالتثبيت فيما هو حاصل، والإرشاد فيما ليس بحاصل، ثم قال : عمومُ المؤمنين يقولون :﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ أي : بالتثبيت فيما هو حاصل، والإرشاد لما ليس بحاصل، فإنه حصل لهم التوحيد وفاتَهُم درجات الصالحين، والصالحون يقولون :﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ معناه : نسألك التثبيت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ما ليس بحاصل، فإنهم حصل لهم الصلاح وفاتهم درجات الشهداء، والشهداءُ يقولون :﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ أي بالتثبيت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ما ليس بحاصل، فإنهم حصلت لهم الشهادة وفاتهم درجات الصديقين، والصديقون يقولون :﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ أي : بالتثبيت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ما ليس بحاصل، فإنهم حَصل لهم درجات الصديقين وفاتهم درجات القطب، والقطبُ يقول :﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ بالتثبت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ما ليس بحاصل، فإنه حصل له رتبة القطبانية، وفاته علم ما إذا شاء الله أن يطلعه عليه أطلعه. هـ.
وقال بعضهم : الهدايةُ إما للعين وإما للأثرِ الدالَّ على العين، ولا نهاية للأولى، قلت : فالأولى لأهل الشهود والعِيان، والثانية لأهل الدليل والبرهان، فالهداية للعين هي الدلالةُ على الله. والهداية للأثر هي الدلالة على العمل، " مَنْ دَلَّكَ على الله فقد نصحك، ومن دلَّك على العمل فقد أتعبك ". وإنما كانت الأولى لا نهاية لها ؛ لأن الترقي بعد المعرفة لا نهاية له. بخلاف الدلالة على الأثر فنهايتها الوصول إلى العين، إن كان الدالُّ عارفاً بالطريق.
قال البيضاوي : وهداية الله تتنوَّعُ أنواعاً لا يحصيها عد ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحصُوهَآ﴾ [إبراهيم : ٣٤] لكنها تنحصر في أجناس مترتبة :
٤٠
الأول : إِفاضَةُ الُقُوَى التي بها يتمكنُ المرء من الاهتداء إلى مصالحه، كالقوة العقلية والحواس الباطنة والمشاعر الظاهرة.