وَسَلِّمْ ليّ الأمْرَ واعْلَمْ بأنني
أُصَرِّفُ أحْكَامِي وأَفْعَلُ مَا أشا
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٨
٢٨٩
قلت :﴿منه﴾ : خبر مقدم، و ﴿آيات﴾ : مبتدأ، فيوقف على ﴿الكتاب﴾، وقيل :﴿منه﴾ : نعت لكتاب، وهو بعيد.
قال البن السبكي : المحكَم : المتضح المعنى، والمتشابه : ما استأثر الله بعلمه، وقد يُطْلعُ عليه بعضَ أصفيائه. و ﴿هن أم الكتاب﴾ : جملة، وحق الخبر المطابقة فيقول : أمهات، وإنما أفرده على تأويل كل واحد، أو على أن الكل بمنزلة آية واحدة. والزيغ : الميل عن الحق. و ﴿الراسخون في العلم﴾ : معطوف على ﴿الله﴾، أو مبتدأ ؛ إن فسر المتشابه بما استأثر الله بعلمه، كمدة بقاء الدنيا ووقت قيام الساعة، أو بما دلّ القاطع على أن ظاهره غير مراد. قاله البيضاوي. و ﴿إذ هديتنا﴾ : ظرف مجرور بالإضافة مسبوك بالمصدر، أي : بعد هدايتك إيانا.
يقول الحقّ جلّ جلاله : إن الذي انفرد بالوحدانية والقيومية، ولا يخفى عليه شيء في العالم العلوي والسفلي ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب﴾ المبين، فمنه ما هو ﴿آيات محكمات﴾ واضحات المعنى، لا اشتباه فيها ولا إجمال، ﴿هن أم الكتاب﴾ أي : أصله، يُرد إليها غيرها، ﴿و﴾ منه آيات ﴿أُخَر متشابهات﴾ أي : محتملات، لا يتضح مقصودها ؛ لإجماله أو مخالفة ظاهر ؛ إلا بالفحص وجودة الفكر، ليظهر فضل العلماء النُقاد، ويزداد حرصهم على الاجتهاد في تَدبُرها وتحصيل العلوم المتوقف عليها استنباط المراد بها، فينال بها، وبإتعاب القرائح في استخراج معانيها، والتوفيق بينها وبين المحكمات، أعلى الدرجات وأرفع المقامات.


الصفحة التالية
Icon