ويقولون أيضاً في تضرعهم إلى الله :﴿ربنا لا تزغ قلوبنا﴾ عن نهج الحق بالميل إلى اتباع الهوى، ﴿بعد إذ هديتنا﴾ إلى طريق الوصول إلى حضرتك، ﴿وهب لنا من لدنك رحمة﴾ تجمع قلوبنا بك، وتضم أرواحنا إلى مشاهدة وحدانيتك، ﴿إنك أنت الوهاب﴾ ؛ تهب للمؤمل فوق ما يؤمل. ﴿ربنا إنك جامع الناس ليوم﴾ الجزاء الذي ﴿لا ريب فيه﴾، فاجمعنا مع المقربين ؛ إنك ﴿لا تخلف المعياد﴾ فأنجز لنا ما وعدتنا في ذلك اليوم. وخلف الوعد في حقه تعالى محال. أما الوعد بالخير فلا إشكال، وأما الوعيد بالشر، فإن كان في مُعَيِّنٍ فلا يخلفه، وإن كان في الجملة فيخلفه بالعفو. والله تعالى أعلم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٩
وقال في النوادر أيضاً : لَمَّا رَدَّ الراسخون في العلم عِلْمَ المتشابه إلى عالمه، حيث قالوا :﴿آمنا به كل من عند ربنا﴾، خافوا شَرَه النفوس لطلبها ؛ فإنَّ العلم لذيذ، وفتنة تلك اللذة لها عتاب، ففزعوا إلى ربهم فقالوا :﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة﴾، علموا أن الرحمة تطفئ تلك الفتنة. ولما كان يوم القيامة ينكشف فيه سر القدر حنوا إليه فقالوا :﴿ربنا إنك جامع الناس...﴾ الآية. سكنوا نفوسهم لمجيء ذلك اليوم الذي تَبْطُنِ فيه الحكمة، وتظهر فيه القدرة. هـ. بالمعنى.
٢٩١