﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾ أي : إن الدين المرضى عند الله هو الانقياد لأمر التوحيد والإذعان لمن جاء به. ورُوِيَ عن أنسَ رضي الله عنه قال : قال النبيّ ﷺ :" من قرأَ هذه الآيةَ عند منامه خَلَقَ اللَّهَ تعالى سبعين ألف خَلْقٍ يستغفرون الله له إلى يوم القيامة " وهي أعظم شهادة في كتاب الله، " من قرأها إلى (الحكيم) وقال : وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودِعُ اللّهَ هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة، يقول الحق تعالى : إن لعبدي هذا عندي عهداً وأنا أحقُّ مَنْ وفى بالعهد، أدخِلوا عبدي الجنة ". الإشارة : صدرُ الآية يشير إلى الفرق، وعَجُزُها يشير إلى الجمع، كما هي عادته تعالى في كتبه العزيز، يشرع أولاً، ويُحَقِّق ثانياً، فأثبت الحق - جلّ جلاله - شهادة الملائكة وأولى العلم مع شهادته ؛ لإثبات سر الشريعة، ثم محاها بقوله :﴿لا إله إلا هو العزيز الحكيم﴾ بحكم الحقيقة. فإثبات الرسوم شريعة، ومحوها حقيقة، فتوحيد أهل الرسوم والأشكال دلالة من وراء الحجاب، وتوحيد أهل المحو والاضمحلال شهادة من داخل الحجاب، وتوحيد أهل الرسوم دلالة وبرهان، وتوحيد أهل المحو شهادة وعيان، أهل الدليل والبرهان عموم عند أهل الشهود والعيان. إثبات الرسوم إسلام وإيمان، ومحوها شهود وإحسان، وكل توحيد لم تظهر ثمرته على الجوارح من الإذعان والانقياد لأحكام العبودية فهو مخدج، لقوله تعالى :﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ﴾ [آل عِمرَان : ١٩] أي، الانقياد والإذعان، ظاهراً وباطناً، لأحكام القهرية والتكليفية، فمن لا انقياد له لا دين له كاملاً.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩٨
ثم ذكر من سبق له الخذلان بعد سطوع الدليل والبُرهان، فقال :