الإشارة : لا يليق بالفقير، إذا توجه إليه الإنكار أو المجادلة والاستظهار، إلا السكوت والإقرار، والاستسلام بكليته لأحكام الواحد القهار، إذ لا يرى فاعلاً إلا الله، فلا يركن إلى شيء سواه. وفي الحكم :" إنما أجرَى الأذى عليهم لئلا تكون ساكناً إليهم، أراد أن يزعجك عن كل شيء، حتى لا تكون ساكناً إلى شيء ". وقال بعض العارفين : لا تشتغل قط بمن يؤذيك، واشتغل بالله يرده عنك، وقد غلط في هذا خلق كثير، اشتغلوا بمن يؤذيهم، فطال عليهم الأذى مع الإثم، ولو أنهم رجعوا إلى مولاهم لكفاهم أمرهم. هـ. بالمعنى. وبهذا يأمر الشيخ أتباعه، فإن انقادوا لأحكام الحق، فقد اهتدوا إلى طريق الوصول، وإن تولوا فإنما عليك البلاغ، والهداية بيد السميع البصير.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠١
قلت : إنما دخلت الفاء في خبر إنَّ ؛ لتضمن اسمها معنى الشرط ؛ لعموم الموصول وإبهامه، وهو خاص بإنَّ، دون ليت ولعل ؛ لأن " إن " لا تغير معنى الابتداء، وإنما تؤكده. وقيل : الخبر :﴿أولئك...﴾ الخ.
يقول الحقّ جّل جلاله :﴿إن الذين يكفرون بآيات الله﴾ أي : بحُججه الدالة على توحيده، وصحة نبوة رسله، أو بكلامه، وهم اليهود، ﴿ويقتلون النبيين بغير حق﴾ بل بغياً ﴿ويقتلون الذين يأمرون﴾ بالعدل وترك الظلم من الأحبار ﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾ موجع، ﴿أولئك الذين حبطت أعمالهم﴾ أي : بطلت، ﴿في الدنيا والآخرة﴾ فلا ينتفعون بها في الدارين، ﴿وما لهم من ناصرين﴾ يمنعونهم من العذاب.
٣٠٢


الصفحة التالية
Icon