يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ألم تر﴾ يا محمد، أو مَنْ تصح منه الرؤية، ﴿إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب﴾ وهم : اليهود، تمسكوا بشيء من التوارة، ولم يعملوا به كلّه، كيف ﴿يدعون إلى كتاب الله﴾ القرآن ﴿ليحكم بينهم﴾ فيما اختلفوا فيه من أمر التوحيد وصحة نبوته - عليه الصلاة والسلام -، فأعرضوا عنه، أو المراد بكتاب الله : التوراة. قال ابن عباس رضي الله عنه :(دخل النبيّ ﷺ على جماعة من اليهود، فَدَعاهُمْ إلى الله تعالى، فقال نُعَيْمُ بْنُ عَمِرْو والحَارِثُ بَنْ زَيْد : على أيِّ دين أنْتَ يا مُحَمَّدُ ؟ قال :" على مِلَّةِ إبْرَاهِيم " قالا : إنَّ إبرَاهِيم كان يَهُودِيّاً، فقال لهما النبيّ ﷺ :" فَهَلمُّوا إلى التَّوراةِ فهي بَيْنَنَا وبينكم " فأبَيا عليه، فنزلت الآية). وقيل : نزلت في الرجم، على ما يأتي في العقود.
﴿ذلك﴾ الأعراض بسبب اغترارهم وتسهيلهم أمر العقاب، فقالوا :﴿لن تسمنا النار إلا أياماً معدودات﴾ ؛ أربعين يوماً، قدر عبادتهم العجل، ثم يَخْلفهم المسلمون، ﴿وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون﴾ بزعمهم الفاسد وطمعهم الفارغ.
٣٠٣
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه﴾، وهذا تهويل لشأنهم، واستعظام لما يحيق بهم، ﴿ووفيت كل نفس ما كسبت﴾ من خير أو شر، ﴿وهم لا يظلمون﴾ أي : لا يبخسون من أعمالهم شيئاً، فلا ينقص من الحسنات، ولا يزاد على السيئات. وفيه دليل على أن المؤمن لا يخلد في النار. قال ابن عباس :(أولُ رايةٍ تُرفع لأهل الموقف، ذلك اليوم، رايةُ اليهود، فيفضحُم اللّهُ تعالى على رؤوس الأشهاد، ثم يؤمر بهم إلى النار).
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٣