قال البيضاوي : ذكر الخير وحده ؛ لأنه المقضي بالذات، والشر مقضي بالعرض ؛ إذ لا يوجد شر جزئي ما لم يتضمن خيراً كليّاً. أو لمراعاة الأدب في الخطاب، أو لأن الكلام وقع فيه، إذ رُوِيَ أنه عليه الصلاة والسلام - لَمَّا خَطَّ الخَنْدَقَ، وقَطَعَ لكل عَشَرَة أربعينَ ذِرَاعاً، وأخذوا يَحْفرُون، فظهر فيه صخْرَةٌ عظيمةٌ لم تَعْمَلْ فيها المَعَاوِلُ، فَوَجَّهُوا سلْمَانَ إلى رَسُول الله ﷺ يُخبرُه، فجاء عليه الصلاة والسلام، فأخذ المعْول منه، فَضَرب به ضَرْبَةً صدعَهَا، وَبَرَقَ مِنْهَا أضَاءَ ما بَيْنَ لابَتَيْها، لكأن مصباحاً في جوْف بَيتِ مُظلم، فكَبَّرَ، وكَبَّرَ معه المسلمونَ، وقال :" أضَاءَتْ لي مِنْهَا قُصُور الحيرة، كأنها أنيابُ الكلاب، " ثم ضرب الثانية، فقال :" أضَاءَتْ لي مِنْها القُصور الحمر من أرض الروم "، ثم ضرب الثالثة، فقال :" أضاءت لي منها قُصُورُ صَنعاء، وأخْبرَنِي جِبْريل أنَّ أُمَّتِي ظَاهرةٌ علَى كُلِّها، فأبشروا "، فقال المنافقون : ألا تَعْجَبُون! يمنيكم ويعدكم الباطل، ويُخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحِيَرةِ، وأنَّها تُفْتحُ لَكُمْ، وأنتم إنما تَحْفُرون الخنْدَقَ مِنَ الفَرَق فنزلت، أي : الآية. ونبّه على أن الشر أيضاً بيده بقوله :﴿إنك على كل شيء قدير﴾. هـ.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٤