وقال عليه الصلاة والسلام :" مِن أَصْبَحَ آمِناً فِي سِرْبِه، مُعَافى فِي بَدنه، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا بحذافيرها ". تولج ليل القبض في نهار البسط، وتولج نهار البسط في ليل القبض، وترزق من تشاء فيهما من العلوم والأسرار، بغير حساب ولا مقدار، أو تولج ليل العبودية في نهار الحرية، وتولج نهار الحرية في ليلة العبودية، فمن كان في نهار الحرية تاه على الوجود، ومن كان في ليل العبودية عطل ذله ذل اليهود، والعبد لا يخلو من هذين الحالين، يتعاقبان عليه تعاقب الليل والنهار، والله تعالى أعلم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٤
قلت :﴿تُقاة﴾ : مصدر تَقَى، على وزن فَعَل، وله مصدران آخران : تُقّى وتَقِيَّة - بتشديد الياء -، وبه قرأ بعقوب، وأصله : تُقِيَة، فقلبت الياء ألفاً ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها. و ﴿يوم﴾ : ظرف، والعامل فيه : اذكر، أو اتقوا، أو المصير، أو تود، و ﴿ما عملت﴾ : مبتدأ، و ﴿تود﴾ : خبر، أو معطوف على ﴿ما عملت﴾ الأولى، و ﴿تود﴾ :
حال.
يقول الحقّ جلّ جلاله، لقوم من الأنصار، كانوا يُوالون اليهود ؛ لقرابة أو صداقة تقدمت في الجاهلية :﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء﴾، أي : أصدقاء، إذ الحب إنما يكون في الله والبغض في الله، أو لا تستعينوا بهم في غزو ولا غيره، فلا تودوهم ﴿من دون المؤمنين﴾ ؛ إذ هم أحق بالمودة، ففيهم مَنْدُوحة عن مولاة الكفرة، ﴿ومن يفعل ذلك﴾ الاتخاذ ﴿فليس من﴾ ولاية ﴿الله في شيء﴾ ؛ إذ لا تجتمع ولاية الله مع ولاية عدوه. قال الشاعر :
تَوَدُّ عَدُوِّي ثُمِّ تَزْعُمُ أنَّني
صَدِيقكَ، لَيْسَ النّوْك عَنْكَ بِعَازِبِ
٣٠٧
والنُّوك - بضم النون - : الحُمْق.