رُوِيَ أن نصارى نجران قالوا : إنما نعظم المسيح ونعبده، حباً لله وتعظيماً لله. فقال تعال :﴿قل﴾ يا محمد :﴿إن كنتم تحبون الله﴾ تعالى ﴿فاتبعوني﴾... الآية. ولما نزلت الآية قال عبد الله بن أُبَيّ لأصحابه : إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله، ويأمرنا أن نحبه كما أحبت النصارى عيسى، فنزل قوله تعالى :﴿قل أطيعوا الله والرسول﴾ الآية. وقال - عليه الصلاة والسلام - :" " مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ الله، ومن أَطَاعَ الإمامَ فَقدْ أطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى الله وَمَنْ عصَى الإمامَ فَقَدْ عَصَانِي ". الإشارة : اتباع الرسول ﷺ رُكن من أركان الطريقة، وشرط في إشراق أنوار الحقيقة، فمن لا اتباع له طريق له، ومن لا طريق له لا وصول له، قال الشيخ زروق رضي الله عنه :(أصول الطريقة خمسة أشياء : تقوى الله في السر والعلانية، واتباع النبيّ ﷺ في الأقوال والأفعال، والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، والرجوع إلى الله في السراء والضرء، والرضى عن الله في القليل والكثير).
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٩
فالرسول - عليه الصلاة والسلام - حجاب الحضرة وبَوَّابُها، فمن أتى من بابه ؛ بمحبته واتباعه، دخل الحضرة، وسكن فيها، ومن تنكب عنها طُرِد وأُبعد، وفي ذلك يقول القائل :
وأنتَ بابُ الله، أيُّ امرِىءٍ وَافَاه مِنح غَيْرِكَ لاَ يدْخُلُ
وقال في المباحث :
تَبِعَه العالِمُ في الأقوال،
والعابدُ الزاهدُ في الأفْعَالِ
وفيهما الصُّوفيُّ في السِّباق
لكنَّه قد زاد في الأخْلاَقِ
فمن ادّعى محبة الله أو محبة رسوله، ولم يطعهما، ولم يتخلق بأخلاقهما، فدعواه كاذبة، وفي ذلك يقول ابن المبارك :
تَعْصِي الألَه وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ
خَذَا محَالٌ في الْقِيَاسِ بَدِيعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ
إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ


الصفحة التالية
Icon