ثم قالت :﴿إن الله يرزق من يشاء بغير حساب﴾ أي : بغير تقدير، أو بغير استحقاق تفضلاً منه، وقوله :﴿كلما﴾ : يقتضي التكرار، وفيه إشارة إلى أن زكريا لم يَذَرْ تَعهُّدهَا، ولم يعتمد على ما كان يجد عندها، بل كان يتفقد حالها كل وقت، لأن الكرامات للأولياء ليس مما يجب أن تدوم قطعاً، بل يجوز أن يظهر ذلك عليهم دائماً وألا يظهر، فما كان زكريا معتمداً على ذلك، فيترك تفقد حالها، ثم كان يجدد السؤال بقوله :﴿يا مريم أنى لك هذا﴾، لجواز أن يكون الذي هو اليوم لا على الوجه الذي كان بالأمسن فإنه لا واجب على الله - سبحانه - قاله القشيري.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣١١
رَوى جابر بنُ عبد الله أن النبيّ ﷺ أقام أياماً لم يطعم الطعام، فقام في منازل أزواجه، فلم يُصِبْ عندهم شيئاً، فأتى فاطمة فقال :" يا بُنيةُ، هل عندك شيء ؟ " فقالت : لا والله، بأبي أنت وأمي، فلما خرج النبيّ ﷺ، بعثت إليها جارتُها برَغِيفَيْن وبِضْعَة لَحْم، فبعثت حَسَناً وحُسَيْناً إلى النبيّ ﷺ، فجاء، فكشفت له الجفنة، فإذا الجفنة مملوءة خُبْزاً ولَحْماً، فَبُهِتَتْ، وعرفت أنَّهَا بَرَكَةٌ مِن اللهِ تعالى، فقال النبي ﷺ :" من أين لك هذا يا بُنَيْةُ ؟ " قالت :﴿من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب﴾، فحمد الله تعالى، وقال :" الحمْدُ للّهِ الَّذِي جَعلَك شَبِيهَةً بسَيِّدَةِ بَنِي إسْرَائِيل، فإنها كانت إذا رزقها الله شيئاً قالت :﴿هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب﴾ " ثم بعث النبيّ ﷺ إلى عَليٍّ رضي الله عنه. ثم أكل أهلُ البيت كلهم، وجميع أزواج النبيّ ﷺ، وبقيت الجَفْنة كما هي، فأَوْسَعَتْ علَى الجيران، وجعل الله فيها بركة وخيراً. انتهى.
٣١٣


الصفحة التالية
Icon