الإشارة : اعلم أن الوحي على أربعة أقسام : وحي منام، ووحي إلهام، ووحي أحكام، ووحي إعلام، وشاركت الأولياءُ الأنبياءَ في ثلاثة : الإلهام والمنام والإعلام، إن كان بغير الملَك، ومعنى وحي إعلام : هو إطلاع الله النبيّ على أمور مغيبة، فإن كان بواسطة الملك، فهو مختص بالأنبياء، كما اختصت بوحي الأحكام، وأما إن كان بالإلهام أو بالمنام أو بالفهم عن الله، فيكون أيضاً للأولياء، إذ الروح إذا اتصفت وتطهرت من دنس الحس أطلعها الله على غيبه في الجملة، وأما التفصيل فلا يعلمه إلا علاّم الغيوب، والله أعلم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣١٧
قلت :﴿إذ قالت﴾ : بدل من ﴿وإذ قالت﴾ الأولى، ويبعد إبدالها من ﴿إذ يختصمون﴾، و ﴿المسيح﴾ وما بعده : إخبار عن اسمه، أو ﴿عيسى﴾ : خبر عن مضمر، و ﴿ابن مريم﴾ : صفته، و ﴿المسيح﴾ : فعيل بمعنى مفعول، لأنه مُسِحَ من الأقذار، أي : طهر منها، أو مسح بالبركة، أو كان مسيح القدم، لا أخمص له، أو مسحه جبريل بجناحه من الشيطان. أو بمعنى فاعل ؛ لأنه كان يمسح المرضى فيبرؤون، أو يمسح عين الأعمى فيبصر، أو لأنه كان يسيح في الأرض ولا يقيم في مكان ؛ فتكون الميم زائدة.
وأما المسيح الدجّال فإنه ممسوح إحدى العينين، أو لأنه يطوف الأرض ويمسحها، إلا مكة والمدينة، والحاصل : أن عيسى مسيح الخير، والدجال مسيح الشر، ولذلك قيل : إن المسيح يقتل المسيح. و ﴿وجيهاً﴾ : حال من كلمة ؛ لتخصيصه بالصفة، و ﴿في المهد وكهلاً﴾ : حالان، أي : طفلاً وكهلاً، والمهد : ما يمهد للصبي. و ﴿رسولاً﴾ : مفعولٌ لمحذوف، أي : ونجعله رسولاً، و ﴿مصدقاً﴾ : عطف على ﴿رسولاً﴾، و ﴿لأُحِلَّ﴾ : متعلق بمحذوف، أي : وجئتكم لأُحل، أو معطوف على معنى مصدقاً، كقولهم : جئتك معتذراً، أو لأطيب قلبك.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣١٨


الصفحة التالية
Icon