قلت :﴿من أنصاري إلى الله﴾ : الجار يتعلق بحال محذوفة، أي : ذاهباً إلى الله إلى نَصْر دينه، أو مُضيفاً نفسه إلى الله، أو ملتجئاً إلى الله، أو يتعلق بـ ﴿أنصاري﴾ ؛ مضمِّناً معنى الإضافة، أي : من يضيف نفسه إلى الله في نصره. وحواري الرجل : خاصته،
٣٢٢
الذي يستعين بهم في نوائبه، وفي الحديث عنه - عليه الصلاة والسلام- :" لكلِّ نبي حَوَاري، وحَوارِيي، الزُّبَيْر " وحواريوا عيسى : أصحابه الذين نصروه، وسموا بذلك لخلوص نيتهم ونقاء سريرتهم. والحَوَرُ : البياض الخالص، وكل شيء بيَّضته فقد حوَّرْته، ويقال للبيضاء من النساء : حوارية. وقيل : كان الحواريون قًصَّارين، يُحَوِّرُون الثياب، أي : يبيضونها، وقيل : كانوا ملوكاً يلبسون البياض.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿فلما أحسن عيسى﴾ من بني إسرائيل ﴿الكفر﴾، وتحققه تَحَقُّقَ ما يدرك بالحواس، بعدما بُعث إليهم، وأرادوا قتله، فرَّ منهم واستنصر عليهم، و ﴿قال من أنصاري﴾ ملجئاً ﴿إلى الله﴾، أو ذاهباً إلى نصر دينه، ﴿قال الحواريون نحن أنصار الله﴾ أي : أنصار دينه، ﴿آمنا بالله وأشهد﴾ علينا بأننا ﴿مسلمون﴾ ؛ لتشهد لنا يوم القيامة، حين يشهد الرسل لقومهم، ﴿ربنا آمنا بما أنزلت﴾ على نبيك من الأحكام، ﴿واتبعنا الرسول﴾ عيسى عليه السلام، ﴿فاكتبنا مع الشاهدين﴾ بوحدانيتك، أو مع الذين يشهدون لأنبيائك بالصدق، أو مع الأنبياء الذين يشهدون لأتباعهم، أو مع أمة محمد - عليه الصلاة والسلام - فإنهم شهداء على الناس.


الصفحة التالية
Icon