قلت : يحتمل أن يكون قوله :﴿أن يؤتى﴾ : مفعولاً بـ ﴿تؤمنوا﴾، و ﴿قل إن الهدى هدى الله﴾ : اعترض، واللام في " لمن " صلة، ﴿أو يحاجوكم﴾ : عطف على ﴿يؤتى﴾، والتقدير : ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، إلا من كان على دينكم، ولا تصدقوا أن يحاجوكم عند ربكم، بل أنتم تحاجون غيركم. فردَّ الله عليهم ﴿قل إن الهدى هدى الله﴾، و ﴿إن الفضل بيد الله﴾. ويحتمل أن يكون قوله :﴿أن يؤتى﴾ مفعولاً لأجله، والعامل فيه محذوف، التقدير : أدبَّرتم ما دبرتم كراهية أن يؤتى أحد ما أوتيتم، ومخافة أن يحاجوكم عند ربكم ؟.
يقول الحقّ جلّ جلاله : حاكياً عن اليهود :﴿و﴾ قالوا ﴿لا تؤمنوا﴾ أي : لا تقروا أو تصدقوا ﴿أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم﴾ من العلم والحكمة وفلق البحر وسائر الفضائل، ﴿إلا لمن تبع﴾ دين اليهودية، وكان على ﴿دينكم﴾، ولا تؤمنوا أن ﴿يحاجوكم عند ربكم﴾ ؛ لأنكم أصح ديناً منهم. قال الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ لهم :﴿إن الهدى هدى الله﴾ يهدي به من يشاء، و ﴿إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء﴾.
يقول الحقّ جلّ جلاله : وقالوا : لا تصدقوا ولا تذعنوا ﴿إلا لمن تبع دينكم﴾ وكان من جلدتكم، فإن النبوة خاصة بكم. فكذبهم الحق بقوله :﴿قل إن الهدى هدى الله﴾، يخص به من يشاء من عباده، فكيف تحصرنها فيكم ؟ لأجل ﴿أن يُؤْتَى أحدٌ مثل ما أوتيتم﴾ قلتم ما قلتم، ودبرتم ما دبرتم، حسداً وبغياً، ﴿أو﴾ خوفاً أن ﴿يحاجوكم عند ربكم﴾، يغلبوكم بالحجة لظهور دينهم، ﴿قل﴾ يا محمد :﴿إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء﴾ ؛ فلا ينفع في رده حيلة ولا خدع.


الصفحة التالية
Icon