أو يقول الحقّ جلّ جلاله : للمؤمنين، تثبيتاً لهم وتشجيعاً لقلوبهم : ولا تصدقوا يا معشر المؤمنين أن يعطي أحد مثل ما أوتيتم من الفضل والدين القويم إلا من تبع دينكم الحق، وجاء به من عند الحق، ولا تصدقوا ﴿أن يحاجوكم﴾ في دينكم ﴿عند ربكم﴾ أو يقدر أحد على ذلك، فإن الهدى هدى الله والفضل بيد الله، ﴿يؤتيه من يشاء والله واسع﴾ الفضل والكرم، ﴿عليم﴾ بمن يستحق الخصوصية والفضل، ﴿يختص برحمته من يشاء﴾ كالنبوة وغيرها، ﴿والله ذو الفضل العظيم﴾ ؛ لا حصر لفضله، كما لا حصر لذاته.
٣٣٤
الإشارة : يقول الحق - جلت ذاته، وعظمت قدرته - لأهل الخصوصية : ولا تقروا بالخصوصية إلا لمن كان على دينكم وطريقكم، وتزيّاً بزيكم، وبذل نفسه وفلسه في صحبتكم، مخافة أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الخصوصية، وهو ليس أهلاً لها، فيأخذها علماً، فإما أن يتزندق أو يتفسق، أو يحاجوكم بالشريعة فيريق دماءكم ؛ كما وقع للحلاج رضي الله عنه وفي ذلك يقول الشاعر :
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣٤
ومن شَهِدَ الحَقِيقَةَ فَلْيَصُنْهَا
وَإِلاَّ سَوْفَ يُقْتلُ بالسَّنَانِ
كَحَلاَّجِ الْمَحَبَّةِ إِذْ تَبَدَّتْ
لَهُ شَمْسُ الْحَقِيقَةِ بالتَّدَاني
وقال آخر :
بالسِّرِّ إنْ بَاحُوا تُبَاحُ دِمَاؤُهُمْ
وكَذَا دِماءُ البَائِحينَ تُبَاحُ
وقل أيها العارف، لمن طلب الخصوية قبل شروطها أو أنكر وجودها عند أهل شرطها : إن الهدى هدى الله يهدي به من يشاء - والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والرحمة - التي هي الخصوصية - في قبضة الله، يخص بها من يشاء، ﴿والله ذو الفضل العظيم﴾ ؛ فمن أراد الخصوصية فليطلبها من معدنها، وهم العارفون بها، فيبذل نفسه وفلسه لهم حتى يُعرفوه بها. وبالله التوفيق.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣٤


الصفحة التالية
Icon