يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿إن الذين يشترون بعهد الله﴾ أي : يستبدلون بالوفاء بعهد الله كالإيمان بالرسول - عليه الصلاة والسلم - الذي أخذ على بني إسرائيل في التوراة وبيان صفته، وأداء الأمانة، فكتموا ذلك واستبدلوا به ﴿ثمناً قليلاً﴾ ؛ حطاماً فانياً من الدنيا، كانوا يأخذونه من سفلتهم، فخافوا إن بيَّنوا ذلك زال ذلك عنه، وكذلك الأيمان التي أخذها الله عليهم لئن أدركوا محمداً ﷺ ليؤمنن به ولينصرنه، فنقضوها، خوفاً من زوال رئاستهم، فاستبدلوا بالوفاء بها ثمناً فانياً، ﴿أولئك لا خلاق لهم﴾ أي : لا نصيب لهم، ﴿في الآخرة، ولا يكلمهم الله﴾ بما يسرهم، أو بشيء أصلاً، وإنما الملائكة تسألهم، ﴿ولا تنظر إليهم يوم القيامة﴾ نظرة رحمة، بل يعرض عنهم، غضباً عليهم وهواناً بهم، ﴿ولا يزكيهم﴾ ؛ لا يطهرهم من ذنوبهم، أو لا يُثني عليهم، ﴿ولهم عذاب أليم﴾ أي : موجع.
قال عكرمة : نزلت في أبي رافع وكنانة بن أبي الحقيق وحُيي بن أخطب، وغيرهم من رؤساء اليهود، كتموا ما عهد الله إليهم في التوراة في شأن النبيّ ﷺ من بيان صفته، فكتموا ذلك وكتبوا غيره، وحلفوا أنه من عند الله، لئلا يفوتهم الرشا من أتباعهم.


الصفحة التالية
Icon