قلت : البشر : اسم جمع لا مفرد له، يطلق على الجماعة والواحد. والرباني : هو الذي يُربي الناس ويؤدبهم ويُهذبهم بالعلم والعمل. وقال ابن عباس :(هو الذي يُربي الناس بصغار العلم قبل كباره)، والنون فيه للمبالغة، كلحياني ورقباني. و ﴿ولا يأمركم﴾ بالرفع، استئناف، وبالنصب : عطف على ﴿يقول﴾، و ﴿لا﴾ مزيدة : أي ما كان لبشر أن يستنبئه الله، ثم يأمر بعبادة نفسه، ويأمر باتخاذ الملائكة أرباباً. أو غير مزيدة، والتقدير : ليس له أن يأمر بعبادته ولا باتخاذ الملائكة أرباباً.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ما كان﴾ ينبغي ﴿لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحُكْمَ﴾ أي : الفصل بين العباد، ﴿والنبوة﴾ أي : الوحي بالأحكام، ﴿ثم يقول﴾ بعد ذلك ﴿للناس كونوا عباداً لي من دون الله﴾ أو مع الله، أو يرضى أن يُعبد من دون الله، ﴿ولكن﴾ يقول لهم :﴿كونوا ربانيين﴾ أي : علماء بالله، فقهاء في دينه، حلماء على الناس، تُربون الناس بالعلم والعمل والهمة والحال، بسبب ﴿ما كنتم تعلمون﴾ من كتاب الله ﴿وبما كنتم تدرسون﴾ منه، أو ﴿بما كنتم تُعَلِّمُون﴾ الناس من الخير بكتاب الله، وما كنتم تدرسونه عليهم. ولما مات ابن عباس - رضي الله عنهما - قال محمد ابن الحنيفة :(مات ربَّاني هذه الأمة).