يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِالله﴾ وتجحدون نعمه المتوالية، ﴿و﴾ الحالة أنكم ﴿كُنتُمْ أَمْوَاتاً﴾ نطفاً في الأرحام ﴿فَأَحْيَاكُمْ﴾ بنفخ الروح في أجسادكم، ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ عند انقضاء آجالكم، ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ عند البعث لحسابكم، ثم يسكنكم دار القرار، إما إلى الجنة وإما إلى النار. فهذه الآثار دالّة على باهر قدرته وتمام حكمته، فقد وضح الحق وظهر، ﴿فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف : ٢٩].
الإشارة : كيف تنكرون ظهور نور الحق في الأكوان، وتبعدون عن حضرة الشهود والعيان، وقد كنتم أمواتاً بالغفلة وغم الحجاب، فأحياكم باليقظة والإياب، ثم يميتكم
٧٠
بالفناء عن شهود ما سواه، ثم يحييكم بالرجوع إلى شهود أثره بالله، ثم إليه ترجعون في كل شيء لشهود نوره في كل شيء، وقبل كل شيء، وبعد كل شيء، وعند كل شيء " كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان ".
جزء : ١ رقم الصفحة : ٧٠
قلت :﴿جميعاً﴾ حال مؤكدة من ﴿ما﴾، و ﴿ثم﴾ للترتيب الذكري لا الخارجي ؛ لأن دحو الأرض مؤخر عن خلق السماء، إلا أن يكون العطف على معنى الجملة، والتقدير : هو الذي خلق لكم الأرض مشتملة على جميع منافعكم، ثم استوى إلى السماء فخلقهن سبعاً، ثم دحا الأرض وبسطها.
والتسوية : خلق الأشياء سالمة من العوج والخلل، و ﴿سبع﴾ : بدل من الضمير، أو بيان له، وجملة ﴿وهو بكل شيء عليم﴾ تعليل لما قبله. أي : ولكونه عالماً بكنه الأشياء كلها خلق ما خلق على هذا النمط الأكمل والوجه الأنفع.