يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ﴾ لأجلكم ﴿ما﴾ استقر ﴿فِي الأرْضِ جَمِيعاً﴾ تنتفعون به في الظاهر قوتاً لأشباحكم، ودواء لأبدانكم، ومتعة لنفوسكم، وتنتفعون به في الباطن بالتفكر والاعتبار، وزيادة في إيمانكم وقوة لإيقانكم، ثم قصد ﴿إلَى السَّمَاءِ﴾ قصد إرادة، فخلقهن ﴿سَبْعَ سَمَوَاتِ﴾ مستوية تامة، ليس فيها تفاوت ولا خلل، تظلكم بِجِرْمِها، وتضي عليكم بشمسها وقمرها وكواكبها، وقد أحاط علمه بالأشياء كلها، فلذلك خلقها على هذا النمط الغريب والإتقان العجيب.
الإشارة : يا عبادي خلقتُ الأشياء كُلَّها من أجلكم، الأرض تُقلكم، والسماء تُظلكم، والجهات تَكْتَنِفُكُمْ والحيوانات تخدُمكم، والنباتات تنفعكم، وخلقتكم من أجلي، فكيف تميلون إلى غيري، وتنسَوْن إحساني وبرِّي ؟ !!! الأشياء كلها عبيدكم وأنتم عبيد الحضرة، " أنت مع الأكوان ما لم تشهد المُكَوِّنَ، فإذا شهدتَ المكوِّنَ كانت الأكوانُ معك ".
وفي بعض الكتب المنزلة يقول الله تعالى :" يا عبدي ؛ إنما منحتك صفاتي لتعرفني بها، فإن ادعيتها لنفسك سلبتُك الولاية، ولم أسلبك صفاتي، يا عبدي : أنت صفتي وأنا صفتك، فارجع إليَّ أرجع إليك، يا عبدي : فيك للعلوم باب مفاتحه أنا، وفيك للجهل باب مفاتحه أنت، فاقصد أيّ البابين شئت، يا عبدي : قربي منك بقدر بعدك عن نفسك ؛
٧١