فأغيثوه ". فلما رفع همَّتَه عنهم قال الحقّ تعالى :﴿ألم أقل لكم إني أعلم ما لا تعلمون﴾.
ثم وَجَّهَ الحق تعالى استحقاقه للخلافة ؛ وهو تشريفه بالعلم، فقال :﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾، أي مسميات الأسماء ؛ بأن ألقى في رُوعه ما تحتاج إليه ذريته من اللغات والحروف، وخواص الأشياء ومنافعها، ثم عرض تلك المسميات على الملائكة، إظهاراً لعجزهم، وتشريفاً لآدم بالعلم. ﴿فقال﴾ : أخبروني ﴿بأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ﴾ المسيمات ﴿إن كنتم صادقين﴾ في ادعائكم استحقاق الخلافة، فلما عجزوا عن معرفة تلك الأسماء ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ أي : تنزيهاً لك عن العبث، ﴿لا عِلْمَ لَنَا إلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ﴾ بكل شيء، ﴿الْحَكيمُ﴾ لإتقانك كل شيء، وهذا اعتراف منهم بالقصود والعجز، وإشعار بأن سؤالهم كان استفهاماً وطلباً لتفسير ما أشكر عليهم، ولم يكن اعتراضاً.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٧٢
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِم﴾، وعيِّن لهم اسم كل مسمى، فلما أخبرهم بذلك بحيث قال مثلاً : هذا فرس وهذا جمل، وعين ذلك لهم، وظهرت ميزته عليهم بالعلم حتى استحق الخلافة، قال الحقّ تعالى :﴿أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ أي : ما غاب، وأعلم ما تظهرونه من قولكم :﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا...﴾ الخ، وما تكتمونه من استحقاقكم الخلافة، وقولكم : لن يخلق الله تعالى أحداً أعلم منا لتقدمنا، والفضل لمن صدق لا لمن سبق.


الصفحة التالية
Icon