الإشارة : إذا توجَّه الخطاب إلى طائفة مخصوصة، حمله أهل الفهم عن الله على عمومه لكل سامع، فإن الملك إذا عاتب قوماً بمحضر آخرين، كان المراد بذلك تحذير كل مَن يسمع، فكأن الحق جلّ جلاله يقول : يا بني آدم اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، وتفكروا في أصولها وفروعها، واشكروني عليها بنسبتها إليَّ وحدي، فإنه لا منعم غيري، فمن شكرني شكرته، ومن فيض إحساني وبري مددته، ومن كفر نعمتي سلبته، وعن بابي طردته، وأوفوا بعهدي بالقيام بوظائف العبودية، أوف بعهدكم بأن أطلعكم على أسرار الربوبية. أو :﴿أوفوا بعهدي﴾ بالقيام برسوم الشريعة، ﴿أوفِ بعهدكم﴾ بالهداية إلى منار الطريقة، أو :﴿أوفوا بعهدي﴾ بسلوك منهاج الطريقة، ﴿أوفِ بعهدكم﴾ بالإيصال إلى عين الحقيقة، أو :﴿أوفوا بعهدي﴾ بالاستغراق في بحر الشهود، ﴿أوفِ بعهدكم﴾ بالترقي أبداً غلى الملك الودود، وخصّوني بالرهب والرغب، وتوجهوا إليّ في كل سؤال وطلب، أعطف عليكم بعنايتي وودي، وأمنحكم من عظيم إحساني ورفدي، ﴿وآمنوا بما أنزلت﴾ على قلوب أوليائي، ومن مواهب أسراري وآلائي، تصديقاً لما أتحفت به رسلي وأنبيائي، فكل ما ظهر على الأولياء فهو معجزة للأنبياء وتصديق لهم، ولا تبادروا بالإنكار على أوليائي، فتكونوا سبباً في طرد عبادي عن بابي، ولا يمنعكم حب الرئاسة والجاه عن الخضوع إلى أوليائي، ولا ترقبوا أحداً غيري، فإني أمنعكم من شهود سري.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٧٧