فإن منعك من ذلك حب الرئاسة والجاه، فاستعن على ذلك بالصبر والصلاة، فإن الصبر عنوان الظفر، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. فأدمن قرع الباب حتى تدخل مع الأحباب، فالإدمان على عبادة الصلاة أمره كبير، إلا مَن خلص إلى مناجاة العلي الكبير، وتحقق بملاقاة الشهود والعيان، ورجع إلى مولاه في كل أوان، فإن الصلاة حينئذٍ تكون له من قرّة العين. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
ولما أمرهم بالأصول والفروع، ذكَّرهم بالنعم، وخوفهم بالوعيد على عدم شكرها.
٨١
جزء : ١ رقم الصفحة : ٨٠
قلت :﴿العدل﴾ بالفتح : الفداء، وبالكسر : الحمل، وجملة ﴿لا تجزي﴾ : صفة ليوم، والعائد محذوف، أي : لا تجزي فيه.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يَا بَنِي إسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ﴾ على آبائكم بالهداية وبعث الرسل، ﴿وَأنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ : أهل زمانكم، فاذكروا هذه النعم واشكروني عليها ؛ بأن تتبعوا هذا النبيّ الجليل، الذي تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل.
وخافوا ﴿يَوْماً﴾ لا تَقْضي فيه ﴿نَفْسٌ عَن نَّفْسِ شَيْئًا﴾ بحيث لا تجلِب لها نفعاً، ولا تدفع عنها ضرراً، ولا تقبل ﴿مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ إن وقعت الشفاعة فيها، ولا يؤخذ منها فداء، إن أرادت الفداء عنها، ولا تنتصر في دفع العذاب، إن أرادت الانتصار بعشيرتها. فانتفى عنها وجوه الامتناع من العذاب بأي وجه أمكن ؛ فإن الإنسان إذا أُخذ للنكال احتال على نفسه إما بالشفاعة، أو بالفداء إن لم تقبل الشفاعة فيه، أو بالانتصار بأقاربه، والآيةُ في الكفار، فلا حجةَ لمن ينفِي الشفاعة في عُصَاة المؤمنين، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon