الإشارة : قد يتوجَّهُ العتاب إلى أهل الرئاسة والجاه، من العلماء والصالحين، وكل من خُصَّ بشرف أو خصوصية، فيقول لهم الحق تعالى :﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ بالعلم أو السيادة أو الصلاح، وبأن فضلتكم على أهل زمانكم، وخصصتكم من أبناء جنسكم ؛ فقد رُوِيَ :" أنَّ العبد يُحاسب على جاهه كما يُحاسب على ماله ". فمن صرفه في طاعة الله، وتواضع لعباد الله، وسعى في حوائجهم، وأبلغ الجهد في قضاء مآربهم، كان ذلك شكراً لنعمة الجاه ؛ فقد رُوِيَ في الحديث :" مَنْ سَعَى في حَاجَةِ أخيهِ المسْلِم، قُضِيتْ أو لَم تُقْضَ، غُفِر لَه ما تقدَم مِنْ ذنبه، وكُتب له براءتان : براءة من النار وبراءة من النفاق ". ولا يأخذ على ذلك أجراً ولا جُعلاً ؛ فإنَّ ذلك سحت وربا، ومن تكبّر به وطغى، أو أخذ على ذلك أجراً، قيل له يوم القيامة : قد استوفيت أجرك فلا حظ لك عندنا، فلا تنفعه شفاعة، ولا يقبل منه فداء، ولا يقدر أن ينتصر من موارد الهوان والردى، ففي بعض الأخبار : يقول الله تعالى للفقراء الذين يعظمون في الدنيا لأجل فقرهم : ألم أرخص لكم الأسعار ؟ ألم أوسع لكم المجالس ؟ ألم أُعطِّف عليكم عبادي ؟ فقد أخذتم أجركم في الدنيا. أو كما قالك والله تعالى أعلم.
٨٢
جزء : ١ رقم الصفحة : ٨٢
قلت :﴿إذ﴾ : معمول لاذكروا، و ﴿فرعون﴾ : اسم لكل من ملك القبط، كما أن قيصر اسم لمن ملك الروم، وكسرى اسم لمن ملك الفرس، واسم ﴿فرعون﴾ الذي كان في زمن موسى عليه السلام :" مصعب بن ريان "، وقيل : ابنه الوليد. وسَام يسُوم : طلب وبغى، يقال : سامه خسفاً إذا أولاه ظلماً، وجملة ﴿يسومونكم﴾ : حال من ﴿آل فرعون﴾، وجملة ﴿يذبحون﴾ : بيان لها. وسوء العذاب : أفظعه وأقبحه.


الصفحة التالية
Icon