يقول الحقّ جلّ جلاله : واذكروا أيضاً حين ﴿وَاعَدْنَا مُوسَى﴾ أن يصوم ﴿أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ بأيامها متواصلة، وذلك حين طلبتم منه أن ينزل عيه الكتاب فيه بيان الأحكام، ثم لما صامها، وهي : ذو القعدة وعشر ذي الحجة، وأتى إلى المناجاة، كفرتم، و ﴿اتَّخَذْتُمُ الْعَجْلَ﴾ الذي صاغه السامِريُّ من الحُليّ، الذي أخذته نساء بني إسرائيل من القبط عارية، ففرّوا به ظنّاً منهم أنه حلال، فقال لهم هارون عليه السلام : لا يحل لكم، فطرحوه في حفرة، فصاغ منه السامري صورة العجل، وألقى في جوفه قبضة أخذها من تحت حافر فرس جبريل عليه السلام حين عبر معهم البحر، فجعل يخور، فقال السامري :﴿هَذَآ إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى﴾ [طه : ٨٨]، ﴿وأنتم ظالمون﴾ في عبادته، ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم﴾ بالتوبة وقتل النفس على ما يأتي، ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، فلا فلا تعصون نعمة، ﴿و﴾ اذكروا أيضاً ﴿إذْ آتينا موسَى الكِتَابَ﴾ الذي طلبتم، وهو التوراة، وهو ﴿الفرقان﴾ الذي فرقنا فيه بين الحق والباطل، كي تهتدوا إلى الصواب فتنجوا من العذاب.
٨٤
الإشارة : ما زالت الأشياخ والأولياء الأقدمون ينتحلون طريق سيدنا موسى عليه السلام في استعمال هذه الأربعين، ينفردون فيها إلى مولاهم، مؤانسة ومناجاة، وفي ذلك يقول ابن الفارض رضي الله عنه :
وصِرْتُ مُوسَى زَمَاني
مذ صارَ بَعْضِيَ كُلِّي
وقال :
صارتْ جِبالِيَ دكّاً
مِنْ هَيْبَةِ المُتَجَلِّي


الصفحة التالية
Icon