﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ...﴾
قلت :﴿أو أشد﴾ عطف على الكاف النائبة عن المصدر، أي : خشيةً مثل خشية الله أو أشد، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول، أي : مثل خشيتهم الله.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ألم تر﴾ يا محمد ﴿إلى الذين﴾ طلبوا منك فرضَ الجهاد حرصًا على أن يجاهدوا، فقيل لهم على لسان الرسل :﴿كُفّوا أيديكم﴾ عنه إلى أوَانِ فَرضِه، واشتغلوا بما أُمِرتم به من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ﴿فلما كُتب عليهم القتال﴾ دخلهم الخوف ﴿إذا فريق منهم يخشون الناس﴾ أي : الكفار، أن يقتلوهم مثل خشية عقاب ﴿الله﴾ أو أشد خشية منه. ﴿وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال﴾ في هذا الوقت ﴿لولا﴾ : هلاّ ﴿أخّرتنا إلى أجل قريب﴾ نتمتع فيه بحياتنا أو إلى أن نموت بآجالنا. قلت : والظاهر أنهم قالوا ذلك في نفوسهم، خواطر خطرت لهم، ولم يفوهوا به، إن نزلت في الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وإن كانت في المنافقين فيمكن أن ينطقوا بها.
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧١
قل متاع الدنيا قليل﴾ وعيشها ذليل، وأجلها قريب، ﴿والآخرة خير لمن اتقى﴾، وحياتها خير وأبقى، وسَتَقدُمون على مولاكم، فيكرم مثواكم، ويوفيكم جزاء أعمالكم، ﴿ولا تظلمون فتيلاً﴾ من ثواب أعمالكم، ولا تنقصون من أيام أعماركم، جاهدتم أو قعدتم.