ثم علَّمنا الأدب بنسبة الكمالات إليه سبحانه بلا وساطة، ونسبة النقائص إلى شؤم ذنوبنا، فقال :﴿ما أصابك من حسنة﴾ أي : نعمة ﴿فمن الله﴾ فضلاً وإحسانًا، وأما طاعة العبد فلا تفي بشكر نعمة واحدة، ولذلك قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" لن يَدخلَ أحدُكُمُ الجنةَ بعملهِ "، قيل : ولا أنتَ يا رسول الله ؟ قال :" ولا أنَا، إلا أن يتَغمدني الله برَحمته " ﴿وما أصابك﴾ أيها الإنسان ﴿من سيئة﴾ أي : بلية ﴿فمن نفسك﴾ أي : شؤم ذنبك، وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :" مَا مِن خَدشٍ بعُود ولا اختلاج عرق ولا غيره إلا بذنب، وما يَعفوا الله عنه أكثرُ " فلا ينافي قوله :﴿قل كلٌّ من عند الله﴾ ؛ فإن الكل منه إيجاداً واختراعًا، غير أن الحسنة إحسانٌ، والسيئة مُجَازاة وانتقام. كما قالت عائشة ـ رضي الله عنهاـ :" مَا مِن مُسلمٍ يُصيبه وَصَبٌ ولا نَصَبٌ، حتى الشوكة يُشَاكها، وحتى انقطاع شِسع نَعلهِ، إلا بذنب، وما يعفوا الله عنه أكثر ".
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧١
وفي مصحف ابن مسعود :( قالوا :﴿ما أصابك من حسنة فمن الله﴾ ) الآية. فتكون حينئٍذ من مقالة المنافقين، والآيتان كما ترى لا حجة فيها للمعتزلة. والله تعالى أعلم.