الإشارة : ثلاث خصال لا ينجو منها إلا القليل كما في الحديث : الطيرة، والحسد، والظن. فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" إذا تَطَيَّرتَ فامضِ، وإذا حسدتَ فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تٌحَقّق " فيتأكد على المريد أن يتطهر من هذه الخصال، ويصفي مشربه من التوحيد، فلا يرى في الوجود إلا مولاه، ولا ينسب التأثير إلى شيء سواه، إذا رأى نعمة به أو بغيره، قال : من الله، وإذا رأى مصيبة كذلك تأدب مع الله، فيعتقد في قلبه أنها من قَدَرِ الله، يقول :﴿قل كلٌّ من عند الله﴾، وينسب النقص إلى نفسه وهواه، فالنفس والشيطان مناديل الحضرة، تمسح فيهما أوساخ الأقدار، ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ﴾ [القَصَص : ٦٨]. والله تعالى أعلم.
تم شَهِدَ جلّ جلاله لرسوله بالرسالة، تحريضًا على تعظيمه وحثًا على طاعته، وترهيبًا من سوء الأدب معه، كما صدر من المنافقين، فقال :
٧٣
﴿... وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَىا بِاللَّهِ شَهِيداً مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّىا فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾
قلت : إن تعلق الجار بالفعل كان ﴿رسولاً﴾ حال مؤكدة، وإن تعلق بالاسم كان حالاً مؤسسة تفيد العموم ؛ أي أرسلناك رسولاً للناس جميعًا، و ﴿حفيظًا﴾ حال من الكاف.