ومن هذا أيضًا : السلام، فإنه سبب في ثواب الرد، لذلك ذكره الحق في سلك الدلالة على الخير فقال :﴿وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها﴾ بأن تقولوا : وعليكم السلام والرحمة والبركة، ﴿أو ردوها﴾ بأن تقولوا : وعليكم السلام.
وفي الخبر :" مَن قَالَ لأخيه المسلم : السَّلامُ علَيكُم، كتب الله له عَشرُ حَسنات، فإن قال : السَّلامُ عليكُم ورحمَةُ الله، كتب الله له عِشرين حَسنة، فإن قال : وَبَرَكَاتُه، كتب الله ثَلاثين "، وكذلك لمن ردّ، فإن اقتصر على السلام، فعشر، وهكذا.. فإن ذكرَ المسلم الرحمةَ والبركةَ، قال الرادُّ : وعليكم، فقط، إذ لم يبق ما يزاد، ورد السلام واجب على الكفاية، حيث يكون مشروعًا، فلا يرد في الخطبة، وقراءة القرآن، والذكر والتفكر، والاعتبار، ونظرة الشهود والاستبصار، لأنه يفتر ويشوش، وفي الحمام إذا كانوا عراة، وفي حال الجماع والأكل والشرب وغيرها من المسائل المستثناة. وقد نظمه بعضهم، فقال :
رَدُّ السَّلآم واجبٌ إلا على
مَن في الصَّلاةِ أو بأكل شُغلا
أو شُربٍ أو قراءةٍ أو أدعِيه
أو ذكرٍ أو خُطبةٍ أو تَلبِيه
والسلام من تحية أهل الإسلام، خاصٌّ بهم. لذلك استغرب الخضر ـ عليه السلام ـ سلام سَيدنا موسى عليه السلام فقال له :" وأنَّى بأرضِكَ السَّلامُ، وكذلك خليل الله إبراهيم عليه السلام، إنما أنكر الملائكة حيث سلموا عليه بتحية أهل الإسلام ؛ لأنه كان بين أظهر قوم كفار، أما سلام أبي ذر على النبي ﷺ بتحية أهل الإسلام، قبل أن يسلم، فلعله سمعه من بعض الصحابة قبل أن يسلم، أو إلهام من الله. والله تعالى أعلم.
٧٩
﴿إن الله كان على كل شيء حسيبًا﴾ يحاسبكم على التحية وغيرها. وبالله التوفيق.


الصفحة التالية
Icon