الإشارة : فجاهد أيها الإنسان نفسك في سبيل الله، لا تكلف إلا إصلاحها وتزكيتها، وحرض من يسمع قولك من المؤمنين على جهاد أنفسهم، عسى الله أن يكف عنهم القواطع والعلائق، فيتأهلون لإشراق قلوبهم بأنوار الحقائق، فإن الله لا يغلبه شيء، فمن ذكّر عبادَ الله، ودسهم إلى حضرة الله كان حظه كبيرًا عند الله. ومن دلهم على غير الله فقد غشهم وكان مُهانًا عند الله، وإذا وقع السلام على الفقراء ؛ فإن كانوا سالكين غير مشتغلين بالذكر وجب عليهم الرد بأحسن، وإذا كانوا ذاكرين أو متفكرين أو سكارى في شهود الحبيب سقط عنهم السلام، وكذلك إذا سلم عليهم اختبارًا وتعنيتًا لم يجب الرد. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٨
قلت :﴿الله﴾ : مبتدأ، و ﴿لا إله﴾ : خبر، أو اعتراض، و ﴿ليجمعنكم﴾ : خبر، وهو أوفق بالسياق، و ﴿لا ريب فيه﴾ حال، أو صفة لمصدر، أي : جمعًا لا ريب فيه.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿الله لا إله إلا هو﴾ أي : لا مستحق للعبادة إلا هو، والله ﴿ليجمعنكم﴾ أي : ليَحشرنك من قبوركم ﴿إلى يوم القيامة﴾ للحساب الذي وعدكم به، لا شك فيه، فهو وعد صادق، ﴿ومن أصدق من الله حديثًا﴾، أي : لا أحدَ أصدقُ من الله حديثًا، لأن الكذب نقص، وهو على الله محال.
الإشارة : الحق تعالى واحد في ملكه، فلا يذوق وحدانيته إلا من كان واحدًا في قصده وهمه، فكل من وحَّدّ قلبه وقصده وهمته في طلبه، وانجمع بكليته إليه، جمعه الله لحضرته، ونعَّمه بشهود ذاته، وعدًا حقًا وقولاً صادقًا، لا ريب فيه ولا اشتباه، إذ لا أحدَ أصدقُ من الله.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٩


الصفحة التالية
Icon