﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوااْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً...﴾
قلت :﴿فئتين﴾ : حال، والعامل فيه : الاستقرار في الجر، وأركس الشيء نكَّسه.
٨٠
يقول الحقّ جلّ جلاله : معاتبًا الصحابة حين اختلفوا في إسلام بعض المنافقين، فقال :﴿فما لكم﴾ افترقتم ﴿في﴾ شأن ﴿المنافقين﴾ فرقتين، ولم تتفقوا على كفرهم، والحالة أن الله ـ تعالى ـ ﴿أركسهم﴾، أي : نكَّسهم وردهم إلى الكفر بعد أن أظهروا الإسلام بسبب ما كسبوا من الآثام. ﴿أتريدون أن تهدموا من أضل الله﴾، وسبق لهم الشقاء في علم الله ؟ ومن يضلل الله فلن تجد له طريقاً إلى الهدى. قال ابن عباس ـ رضي الله عنهماـ :( نزلت في قومِ كانوا بمكة من المشركين، فزعموا أنهم آمنوا ولم يهاجروا، ثم سافر قوم منهم بتجارات إلى الشام، فاختلف المسلمون، هل يقتلونهم ليغنموا تجارتهم، لأنهم لم يهاجروا، أو يتركونهم لأنهم مؤمنون ؟ ). وقيل : في قوم أسلموا ثم اجتَوَوا المدينة، واستأذنوا رسول الله صلى عليه وسلم في الخروج إلى البدو، فلما خَرَجُوا لم يزالُوا راحلين مَرحلةٌ حتى لحقُوا بالمُشركين، فاختلف المسلمون في إسلامهم.
ثم حكم بكفرهم فقال ﴿ودّوا لم تكفرون﴾ أي : يتمنون كفركم ﴿كما كفروا فتكونون﴾ معهم ﴿سواء﴾ في الضلال والكفر.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٨٠
الإشارة : من دخل في طريق المخصوصين الأبرار، ثم لم تساعده رياح الأقدار، فلا ينبغي الكلام فيه، ولا الخوض في شأنه، لأن أمره بيد ربه، ( من يهده الله فلا مضل له)، ومن يضلل فلا ناصر له. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
ثم نهى عن مُوَالاَتهم، فقال :