تتخذوا منهم وليًا ولا نصيرًا} أي : لا تستعينوا بهم في جهادكم، ﴿إلاَّ الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم﴾ عهد، و ﴿ميثاق﴾ أي : مهاندة، فلهم حكم المُعَاهَدِين الذين وصلوا إليهم، ودخلوا معهم في الصلح، فلا تقتلوهم ولا تأسروهم. وكانت خزاعة وادعت النبي ﷺ وعقدت معه الصلح، فجاء بنو مدلج فدخلوا معهم في الصلح، فنهى الله عن قتالهم ما داموا معهم، فالقوم الذين بين المسلمين وبينهم ميثاق هم خزاعة، والذي وصلوا إليهم هم بنو مدلج. فالاستثناء على هذا منقطع، لأن بني مدلج حينئٍذ كانت مظهرة للكفر لا منافقة، ويحتمل أن يكون متصلاً، أي : إلا الذين يصلون منهم... الخ، فتأمل. وكان هذا في أول الإسلام، ثم نُسِخ بقوله :﴿فَأْقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ [التّوبَة : ٥] الآية.
ثم ذكر قومًا آخرين نهى عن قتالهم، فقال :﴿أو جاءوكم﴾ أي : إلاَّ قومًا جاؤوكم، قد ﴿حصرت صدورهم﴾ أي : ضاقت عن ﴿أن يُقاتلوكم أو يُقاتلوا قومهم﴾ يعني أنهم كرهوا قتالهم، وكرهوا قتال قومهم الكفار، فلا تقتلوهم أيضًا، لأن الله كفَّ شرهم عنكم، ﴿ولو شاء الله لسلّطهم عليكم﴾ بأن قوَّى قلوبهم وأزال رعبهم ﴿فَلَقَاتَلُكم﴾ ولم يكفّوا عنكم، ﴿فإن اعتزلوكم﴾ ولم يتعرّضوا لكم ﴿وألقوا إليكم السلم﴾ أي : الاستسلام والانقياد ﴿فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً﴾ أي : طريقًا إلى قتالهم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٨٠