رُوِي أن إبراهيم عليه السلام كان يضيف الناس، حتى كان يسمى أبا الضيفان، وكان منزله على ظهر الطريق، فأصاب الناسَ سَنَةٌ، جهدوا فيها، فحشد الناسُ إلى باب إبراهيم، يطلبون الطعامَ، وكانت الميرة كل سنة تصله من صديق له بمصر، فبعث غلمانه بالإبل إلى الخليل الذي له بمصر يسأله الميرة، فقال لغلمانه : لو كان إبراهيم يريد لنفسه احتملت له ذلك، ولكنه يريد للأضياف، وقد أصابنا ما أصاب الناس، فرجع الرسل إليه، ومرّوا ببطحاء لينة، فملؤوا منها الغرائر حياء من الناس، وأتوا إبراهيم فأخبروه، فاهتم إبراهيم لمكان الناس ببابه، فنام، وكانت سارة نائمة فاستيقظت، وقالت : سبحان الله! أما جاء الغلمان ؟ فقالوا : بلى، فقامت إلى الغرائر فإذا فيها الحُوَّرَى ـ أي : الخالص من الدقيق ـ فخبزوا وأطعموا ؟ فاستيقظ إبراهيم، وشم رائحة الخبز، فقال : يا سارة. من أين هذا ؟ فقالت : من عند خليلك المصري، فقال : هذا من عند خليلي الله ـ عز وجل، فحينئذ سماه الله خليلاً.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٤
قال الزجاج : ومعنى الخليل : الذي ليس في محبته خَلَ، أو لأنه ردَّ خلَته، أي : فقره إلى الله مخلصًا. هـ.
﴿ولله ما في السماوات وما في الأرض﴾ ملكًا وخلقًا وعبيدًا، فالملك له، والعبيد عبيده، يختار ما يشاء كما يشاء من خلة ومحبة وخدمة، ﴿وكان الله بكل شيء محيطًا﴾ علمًا وقدرة، فيجازِي كُلاًّ على قدر سعيه وقصده. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon