يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ويستفتونك﴾ يا محمد ﴿في﴾ شأن ﴿النساء﴾ من الميراث وغيره، ﴿قل الله يفتيكم فيهن﴾، فيأمركم أن تعطوهن حقهن من الميراث، ﴿و﴾ يفتيكم أيضًا فيهن ﴿ما يتلى عليكم في الكتاب﴾ في أول السورة إذ قال :﴿للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن﴾ ثم بيَّنه في تقسيم الميراث في ﴿يوصيكم الله في أولادكم﴾، وقال في اليتامى :﴿وآتوا اليتامى أموالهم﴾ ﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى...﴾ الآية، فقد أفتاكم في اليتامى ﴿اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن﴾ من الصداق ﴿وترغبون أن تنكحوهن﴾ بدون صداق مثلهن، فأمركم أن تنكحوا غيرهن، ولا تنكحوهن إلا أن تقسطوا لهن في الصداق، إذا كانت جميلة، أو لها مال، أو ترغبون عن نكاحهن إذا كانت دميمة، فتعضلوهن لترثوهن، فلا تفعلوا ذلك، بل تزوجوها أو زوجوها، وكانوا في الجاهلية، إذا كانت اليتيمة ذات مال وجمال، رغبوا فيها وتزوجوها، بدون صداقها، وإن كانت دميمة ولا مال لها رغبوا عنها وعضلوها، أو زوجوها غيرهم، فنهى الله تعالى الفريقين معًا.
﴿و﴾ يفتيكم أيضًا في ﴿المستضعفين من الوِلدَانِ﴾ وهم الصغار، أن تعطوهم حقهم من الميراث مع الكبار، وكانوا لا يورثونهم، رُوِي أن عُيينة بن حصين أتى النبي ﷺ فقال : أُخبرنا أنك تورث النساء والصبيان، وإنما كنا نورث من يشهد القتال ويحوز الغنيمة ؟ فقال له صلى الله عليه سلم " كذا أُمِرتُ " فنزلت الآية.
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٥
و﴾ يفتيكم أيضًا ويأمركم ﴿أن تقوموا لليتامى بالقسط﴾ أي : العدل. وهو خطاب للأئمة أن ينظروا لهم بالمصلحة ويستوثقوا حقوقهم، ويحتاطوا لهم في أمورهم كلها، ثم وعدهم بالثواب على ذلك فقال :﴿وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليمًا﴾، فيجازيكم الى قدر إحسانكم. والله تعالى أعلم.