الإشارة : اعلم أن النفس كالمرأة حين يتزوجها الرجل، فإنها أذا رأت من زوجها الجد في أموره والانقباض عنها، هابته وانقادت لأمره، وإذا رأت منه الليونة والسيولة استخفت بأمره وركبته، وسقطت هيبته من قبلها، فإذا أمرها ونهاها لم تحتفل بأمره، وكذلك النفس إذا رأت من المريد الجد في بدايته والصولة عليها، هابته وانقادت لأمره وكانت له سميعة مطيعة، وإذا رأت منه الرخو والسهولة معها، ركبته وصعب عليه انقيادها وجهادها، فإذا صال عليها وقهرها فأرادت الصلح معه على أن يسامحها في بعض الأمور، وتساعفه فيما يُريد منها، فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحًا، والصلح خير، فإن دوام التشديد قد يفضي إلى الملل، وإن تحسنوا معها بعد معرفتها، وتتقوا الله في سياستها ورياضتها حتى ترد بكم إلى حضرة ربها، فإن الله كان بما تعملون خبيرًا.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٧
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ولن تستطيعوا﴾، يا معشر الأزواج، ﴿أن تعدلوا بين النساء﴾ العدل الكامل التام في الأقوال والأفعال والنفقة والكسوة والمحبة، ﴿ولو حرصتم﴾ على ذلك لضعف حالكم، وقد خففت عنكم، وأسقطت الحرج عنكم، فلا يجب العدل في البيت فقط، وكان ﷺ يَقسِمُ بين نِسَائِه فيعِدلُ ويقُولُ :" اللهمَّ هذه قسمتي فِيمَا أملِك، فلا تُؤاخِذني فيمَا لا أملِكُ "، يعني : ميل القلب، وكان عمر رضي الله عنه يقول :(اللهم قلبي فلا أملكُه، وأما سوى ذلك فإني أرجو أن أعدل)، وأما الوطء فلا يجب العدل فيه، إلا أن تتحرك شهوته، فيكف لتتوفر لذته للأخرى.